ومازال حديثنا عن مخطط تهجير أهل غزة مستمرا لأنه الشاغل الأوحد للاحتلال الإسرائيلي، والهدف الأسمى الذي يسعى إليه.. ونظرا لاصطدام أحلام العدو بصلابة الموقفين المصري والأردني في مواجهة كل الضغوط بهذا الشأن ورفضهما التام لفتح الحدود للتهجير أو النزوح حماية للقضية من التصفية، فإن المحتل الذي لا يألوا جهدا تفتق ذهنه الشيطاني عن أفكار جديدة للتهجير تحت مسميات مختلفة.
الحكاية ببساطة أن مصر والأردن يرفضان التهجير القسري، مع ملاحظتنا الدقيقة للمعنى وهو التهجير بالقوة الجبرية.. لكن أبالسة الإنس يفكرون في الاستغناء عن كلمة القسري، فيكون التهجير في هذه الحالة اختياري، وذلك بعد تحويل أرض غزة إلى بيئة طاردة لا يمكن العيش فيها، فيختار أهلها الرحيل والهجرة حماية لأنفسهم وأسرهم من الموت.
المتتبع لقصة التهجير وتصفية القضية الفلسطينية يجد أن الولايات المتحدة الراعي الرسمي لـ الاحتلال الإسرائيلي تردد دائما أنها ضد التهجير القسري، لكنها في الوقت ذاته لا ترفض التهجير بالرضى، إذا كان بناء على رغبة أهالي غزة وإيمانا منهم بأن العيش خارجها أفضل وأأمن ويستحق الرحيل.
هذه الخطة المحكمة والمرسومة بدقة وعناية يبقى تنفيذها عبر كيفية جعل غزة مكانا لا يصلح العيش فيه، لأن الأرض نفسها لم يعد فيها حياة.
في مواجهة هذا الحلم الصهيوني تقف مصر بالمرصاد لكل محاولات التهجير أينما كانت الطريقة أو المسمى، لأنها لن تقبل تحت أي ظرف من الظروف تصفية القضية الفلسطينية التي تعد قضية مصيرية ليس فقط للنظام المصري، وإنما للمصريين جميعا على مرة تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
وبالأمس القريب جدد وزير الخارجية سامح شكري رفض مصر القاطع لتصفية القضية عبر بوابة التهجير والنزوح، مطالبا بضرورة تقديم كل المتورطين في عمليات الإبادة الجماعية ضد الأشقاء في غزة وتدمير أراضيها إلى المحاكمات الدولية العاجلة.
ويحتل هذا المخطط الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية مكانة كبيرة لدى مؤسسات الدعم الأمريكية، حيث ناقش الكونجرس أمر تهجير أهالي غزة بل إنه وضع سيناريو محتمل لتوزيعهم على أربع دول وبنسب معينة، حيث تستقبل مصر مليون شخص من غزة، وتستقبل تركيا نصف مليون، والعراق 250 ألف، واليمن 250 ألف، وذلك مقابل مساعدات مالية ضخمة جدا بعد الموافقة على هذه الخطة.
ووفقا لموقع إسرائيل اليوم، فقد رحب أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي بالخطة المزعومة، وتواصل الولايات المتحدة ضغوطها على مصر بالتحديد كونها حائط الصد الأقوى في المنطقة، وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة لقبول أفكار التهجير عبر وساطة بعض الدول العربية الشقيقة للضغط على مصر اقتصاديا لقبول الفكرة، وفي المقابل تتمتع هذه الدول بحماية أمريكية من إيران وأزرعها في المنطقة وخاصة الحوثيين عند باب المندب، ونقل خاماتها البترولية إلى أوروبا عن طريق تل أبيب.
باختصار.. المحاولات الإسرائيلية الأمريكية تجاه فكرة التهجير أو النزوح مستمرة ولن تتوقف، ولكن هذه المرة اختلف التوجه ليعطي معنى آخر حتى يكون الرحيل اختياريا وبرغبة مطلقة تحت ضغوط لا يمكن لبشر أن يتحملها أو يستطيع العيش في ظلها.
وإذا طلت الحرب في غزة برأسها القبيح من جديد، وواصل العدو حرب الإبادة الجماعية مستخدما القنابل الفسفورية ومعداته الثقيلة وطائراته ليشعلها حربا شاملة على طريقة الأرض المحروقة جوا وبحرا وبرا، بعدما استعاد ترتيب أوراقه واستعداداته من جديد، فعندها فعلا ستتحول أرض مهبط الأنبياء إلى أرض ملتهبة على فوهة بركان، وسيولي من نجاه الله من جحيم نار الدنيا وأهوالها الفرار إلى أي أرض كانت برغبته آملنا في النجاة ليتحقق لأعوان الشيطان ما يتمنونه، ولكن هيهات هيهات، فسوف يتحول حلمهم المزعوم إلى كابوس مؤلم يطاردهم في اليقظة قبل المنام، وتبقى فلسطين عربية رغم أنف اليهود وأعوانهم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية