القضية الآن المطروحة على كل مائدة حوار أو تجمع وعلى المقاهي وفي الأندية هي قضية الأسعار.. الأسعار ترتفع كل ساعة بصورة جنونية.. وعندما تتكلم مع التجار والمنتجين والصناع يقولون لك الدولار، رغم هناك صناعات لا يدخل فيها مكون مستورد.. لكنها تزيد أسوة بباقي المنتجات.. بحكم التقليد.
وهوجة ارتفاع الأسعار شملت كل شيء حتى الخدمات التي تقدمها الحكومة والشركات المملوكة لها رفعت أسعارها والحجة الدولار، أيضا ولا أفهم كيف تتحجج شركة حكومية بالدولار وهي تأخذ الدولار بسعره الرسمي من البنوك بخلاف القطاع الخاص الذي قد يضطر التجار إلى اللجوء إلى السوق الموازي أو السوداء لتوفيره.
رغم أن مصر بها قوانين لمكافحة هذه الحالة إلا أن القوانين لم ولن تطبق بزعم أننا دولة نؤمن باقتصاد السوق، وأنا مع هذا أيضا، ولكن اقتصاد السوق يحتاج إلى قوانين تنظيمية تنظم السوق ومنها قانون لمكافحة الفساد وقانون منع الاحتكار وليس الممارسات الاحتكارية كما هو موجود الآن وهذا القانون يجب أن يعدل قبل طرح كل السلع والخدمات التي تحتكرها الدولة للبيع أو الخصخصة أو حتى مشاركة القطاع الخاص فيها.
وفي كل الدول الليبرالية العريقة لديها قوانين تنظم الأسواق وتحدد هامش الربح لكل سلعة مهما كانت وتعطيها الحق في التدخل في حاله حدوث تلاعب من التجار والمنتجين والصناع والمستوردين ولها الحق في ضبط الأسواق إن حدث بها حالة انفلات سعري مثلما تشهده مصر حاليا، لكن هذه الدول وحكوماتها لا تنافس القطاع الخاص في مجالاته ولا تحتكر منتجات بعينها مهما كانت الحجة وبالتالي هي المراقب والمحاسب.
وقضية ارتفاع الأسعار إن كان الدولار جزء منها لكن هناك لوبيات الفساد وهي قوي متحكمة في الأسواق تقرر متى ترفع الأسعار ومتى توقفها ولا يردعها رادع أو قانون لأن هذه اللوبيات أصبحت كما تعتقد انها فوق القانون وهو الأمر الذي يجب أن يصدر من أجله قانون لمكافحة الفساد يتفق مع الاتفاقيات الأممية لمكافحة الفساد والرشوة والعمولات غير المشروعة.
ولأن الردع والفضح جزء أساسي من مكافحة الفساد فيجب تشكيل الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد وأن يكون لديها سلطات التحقيق والقبض في قضايا الفساد وتلقي الشكاوى والبلاغات وأن تنسق عمل أجهزة مكافحة الفساد وأن تصدر تقارير دورية حول الأنشطة التي تقوم بها بجانب الاختصاصات المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.
قضية ارتفاع أسعار السلع بمختلف مسمياتها أو كما كان يقال «من الإبرة للصاروخ» هي قضيه أخلاقية خصوصا وأن الجمعيات الخاصة برجال الأعمال والتجار والصناع لا يوجد بها آليات لمحاسبة أي عضو فيها يخرج أو ينتهك أخلاق المهنة بل يتم الدفاع عن المخطئ ولا يوجد في هذه الكيانات وهي عديدة في مصر أي أكواد أخلاقية تحكم عمل أعضائها مثلما هو موجود في النقابات المهنية، كما لا يوجد شركة بها كود أخلاقي خاص بالعاملين بها يلتزم بها أصحابها قبل العمال.
وبالتالي نحتاج أن تقوم هذه الكيانات بوضع مواثيق أخلاقية تحكم عمل التجار ويكون هناك آليات لمعاقبة الخارجين عنها وفضحهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
قضيه الارتفاعات المتتالية لأسعار تحتاج إلى عمل مجتمعي تبدأ به الحكومة وأجهزتها بتطبيق القوانين المنظمة للأسواق واستكمال الناقص منها وعلى رأسها قواعد تطبيق هامش الربح ثم يأتي دور الكيانات الخاصة بالتجار والصناع لوضع قواعد أخلاقية تلزم الأعضاء وتعطيها الحق في محاسبتهم ثم يأتي دور المجتمع المدني في نشر ثقافة المقاطعة لأي سلعة يرتفع سعرها بصورة مبالغ فيها وتوعية الناس بحقوقهم وآليات الشكوى ومتابعتها.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية