أمس الأول، الإثنين أول أيام شهر رمضان المبارك، شهدت ملاعب كرة القدم المصرية حادثاً مفزعا، فقد سقط لاعب نادي مودرن فيوتشر، أحمد رفعت مغشيا عليه أثناء مباراة فريقه مع الاتحاد السكندري في بطولة الدوري الممتاز، في لقطة شهدها ملايين البشر، وكان اللاعب في هذه اللحظة وحيدا فريدًا بعيدا عن أي اشتباك أو احتكاك بلاعب الفريق المنافس، بل أنه كان بعيدا عن مكان الصراع على الكرة بين لاعبي الفريقين، ولكن سقوطه كان مخيفا.
لحظة السقوط جعلت حكم المباراة يوقف المباراة، بعد أن هرول لاعبو الفريقين إليه معتقدين أنه ابتلع لسانه، تلك الحادثة المتكررة الأخرى، ولكن الجهاز الطبي أثناء فحصه في هذه اللحظات المرعبة، اكتشف توقف عضلة قلبه عن العمل والحركة، نتيجة هبوط في الدورة الدموية، فتقرر نقله فورا بسيارة الإسعاف إلى أقرب مستشفى وتم وضعه تحت سيطرة أجهزة التنفس الصناعي، وجرت محاولات لإعادة تشغيل قلبه المتوقف، والذي ظل يعمل مع هذه المحاولات بشكل متقطع لمدة ساعة من خلال الصعق الكهربي، طبقاً لما صرح به الأطباء، ليعود قلب أحمد رفعت للعمل في واحدة من أصعب لحظات متابعة حالة إصابة أو إعياء للاعب كرة قدم في الملاعب المصرية.
عند كتابة هذه السطور صباح الثلاثاء، كانت حالة أحمد رفعت قد تحسنت ولكنها غير مستقرة، بعد أن توقفت قلوب ملايين المصريين الذين تعجبوا من توقف قلب لاعب كرة قدم في هذا المستوى المحترف – الدوري الممتاز وهو أيضا يلعب في نادٍ كبير ومتقدم في الترتيب هو نادي فيوتشر وكان لاعبا في السابق لنادي الزمالك العريق، ليثور التساؤل كيف يتوقف قلب الرياضي فجأة؟
قطعا.. نحن لدينا تجربة مؤلمة مماثلة حدثت منذ ثمانية عشر عاما، عندما سقط لاعب النادي الأهلي والمنتخب الوطني، محمد عبد الوهاب، مغشيا عليه بنفس الطريقة في ملعب مختار التتش خلال تدريبات عادية وروتينية للنادي الأهلي، ولكن للأسف لفظ عبد الوهاب أنفاسه الأخيرة قبل أن يصل للمستشفى، لتبحث عن أسباب الوفاة لنجد إجابة روتينية مفادها أنه تعرض لأزمة قلبية مفاجئة نتيجة هبوط في الدورة الدموية.
وبالأمس.. كانت الإجابة الروتينية أيضا أن أحمد رفعت تعرض لأزمة قلبية نتيجة هبوط في الدورة الدموية والبعض أرجع هذا الهبوط إلى الصيام، وأنه تناول طعامه بكميات كبيرة عقب أذان المغرب، ما أدى إلى ضخ الدماء من القلب إلى المعدة بكميات كبيرة، ومع بذل المجهود الرياضي العنيف تأثر القلب، فتعرض بالتالي إلى خلل في منظومة عمله، ولكننا لا تستطيع الحكم على هذه المسألة باعتبارها فكرة حاسمة، فالمعروف أن لاعبي الدوري الممتاز يتجمعون قبل إجراء المباريات بفترة ويحصلون على نفس المقدار من الطعام تحت إشراف غذائي وطبي أي أنه حصل على نفس نوعية وكميات الطعام التي حصل عليها زملاؤه في الفريق.
كما أن أحمد رفعت يلعب في ناد كبير لديه امكانيات ضخمة لمتابعة التزام لاعبيه، وقبله محمد عبد الوهاب كان يخضع في النادي الأهلي لنفس المنظومة، وبالتالي فإن الأمر يحتاج إلى معرفة ما حدث بشكل دقيق حتى نتعلم جميعا من نتائج الفحوصات التي جرت على اللاعب شفاه الله وعافاه ومتعه بالعمر المديد خاصة أن معظم لاعبي كرة القدم في مصر وهي لعبة عنيفة تحتاج لبذل مجهود مضاعف بالمقارنة باللعبات الأخرى يصلون لمكانة اللاعب المحترف في الدوري وينضم كثير منهم للمنتخبات الوطنية المختلفة، بعد كفاح كبير.
بل إن أحد أعظم لاعبي العالم، المصري محمد صلاح، قال في لحظة صدق مع وسائل الإعلام إنه كان يتناول غذا، لا يجب أن يكون غذاءًا رئيسيا وصحيا للرياضي، فكان عقب كل تدريب له في نادى المقاولون العرب عند نشأته صغيرًا، كان يتناول طبق من الكشري الذي كان يضع فيه كميات كبيرة من «الشطة» حتى يشعر بالشبع الوهمي، ثم بعدها كان يتناول طعامه في منزله الذي يبتعد 130 كيلومترًا أو نحو ساعتين ونصف الساعة.
وهي حكاية تؤكد أن اللاعبين الناشئين يعانون للحصول على التغذية الصحية المناسبة في كل الأندية، وليس شرطا أن يكون غذاء فقيرا، بل يمكن أن يكون طعامًا مكلفا، ولكنه فقير من حيث القيمة الغذائية، وأقرب مثال على ذلك، الأغذية السريعة الجاهزة التي أبتلينا بمخاطرها قادمة من الغرب.
خلاصة ما أريد قوله هنا.. هو أن لاعبينا يعانون كبارًا من سوء الرعاية الصحية الغذائية في طفولتهم، وخلال مراحل تدرجهم في قطاعات الناشئين، لأن عدم الاهتمام بالنظام الغذائي (الصحي) للاعبين صغار السن في الأندية، يدفع ثمنها اللاعب ومنظومة كرة القدم عندما يصبح اللاعبون محترفين في منظومة قاسية اسمها كرة القدم.. وعندي يقين أن هناك نسبة كبيرة من الناشئين يعانون من الأنيميا وفقر الدم بسبب سوء التغذية والابتعاد عن العلم والطب في هذا المجال، فنظام التغذية الرياضية يجب تطبيقه على اللاعبين الصغار.
وزارة الشباب والرياضة واتحاد كرة القدم قاما منذ فترة بإلزام كل الأندية بالاتفاق مع سيارة إسعاف للتواجد خلال مباريات قطاعات الناشئين والبراعم بمختلف الأعمار لمواجهة أي إصابة أو حالة طارئة بعد ظهور حالات بلع اللسان للاعبين، واعتقد أنه بسبب وجود مبرر صحي مشابه يجب إلزام الأندية المشاركة في كل المسابقات التنافسية بوضع ( نظام غذائي صحي إلزامي لكل لاعبيها صغار السن حتى نطمئن على صحتهم ونقلل تعرضهم لخطر التوقف القلبي والتنفسي كبارا.. وهي منظومة صحية متبعة في كل بلدان العالم وأعلم أنها تحتاج لإمكانيات كبيرة، ولكن على كل ناد تدبير أموره بما يسمح للنظام الغذائي للأطفال والناشئين بأن يوتي ثمارًا في المستقبل عندما يصبحون في سن الاحتراف.
ألف سلامة على أحمد رفعت.. وأتمنى أن تصبح هذه الحادثة جرس إنذار نتعامل معه بجدية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية