تعدّ صناعة الدراما في مصر غاية في الأهمية، ويعتبر موسم الذروة لها هو شهر رمضان الفضيل، حيث يتم بث المسلسلات الدرامية في جميع أنحاء العالم العربي، وتعدّ الدراما المصرية هي اللاعب الرئيس في تشكيل الوعي المصري والعربي، منذ ستينيات القرن الماضي، لذا يأتي تصدر «الشركة المتحدة» للإنتاج الدرامي هو نهضة فنية واجتماعية وثقافية، وقبلة حياة للنهوض بالدراما المصرية.
«الشركة المتحدة» أصبحت سباقة في إنتاج الدراما التلفزيونية، فالدراما بمختلف أنواعها هي الأداة التي منحت مصر ثقلها ووزنها الاجتماعي والثقافي والفني في البلدان العربية.
كانت النقلة النوعية للدراما مع بداية الثمانينات وحتى أواخر التسعينات، وهي الفترة التي تعد من أهم فترات الكتابة على المستوى التلفزيوني، والتي تزامنت مع دخول التمويل الخاص “الخليجي” وخروج الدراما من عباءة التلفزيون المصري الرسمي إلى فضاءات الربح والإنتاج بالمفهوم التجاري.
كنت أشعر بالقلق لتراجع “الدراما المصرية” بعد 25 يناير 2011، لكنني الآن أشعر بالاطمئنان، فقد شهدت الأعمال الدرامية في السنوات الأخيرة تطورًا لافتًا في نوعية الموضوعات، حيث ظهرت أعمال تعتمد على الرعب والإثارة، وأخرى تناقش قضايا اجتماعية في قالب كوميدي، وأخرى تاريخية، ودينية.
أدركت مبكراً أن الدراما والفن الحقيقي يمكن أن يخلق القوة. فإذا كان بوسعي اجتذابك وإقناعك بما أريد تحقيقه، فلن أضطر إلى إجبارك أو الدفع لك للقيام بما أريد. تقوم القوة الناعمة المصرية على الثقافة المصرية والفن المصري عندما يكون جذاب في نظر آخرين؛ لكنه يستند إلى قيمنا وأصالتنا.
ويعد مفهوم “القوة الناعمة” مصطلحاً يطلق على قوة الجذب والإقناع المتبعة من قبل بعض الدول، و”الشركة المتحدة” قادت “القوة الناعمة” في الاتجاه الصحيح بعد أن تم اختطافها في 25 يناير.
طالما عُرفت مصر بأنها “بلد الفن والثقافة”. فقد قدمت للبشرية إسهامات جليلة في شتى حقول الثقافة والفنون العربية. كما أنها تتمتع بثقل روحي- ديني بفضل الجامع الأزهر وأماكن الزيارات الدينية. أما في مجال الموسيقى، فما تزال مصر في الصدارة. كذلك الشأن في الحقل الأدبي، وإنجابها خيرة أدباء وشعراء العالم.
بعد انطلاق البث التلفزيوني المصري عام 1960، بدأ التفكير في الأعمال الدرامية. تم انتاج أول مسلسل تلفزيوني وهو مسلسل “هارب من الأيام” في الذكرى الثامنة لإنهاء الحكم الملكي، والذي بدأ بثه في 23 يوليو عام 1962.
ويضم أرشيف الدراما المصرية كثير من الأعمال التي جسدت بعض الشخصيات التاريخية والدينية التي يحفل بها التاريخ المصري على مدار عصور طويلة، بعضها جسد شخصيات دينية وإسلامية مثل مسلسل “محمد رسول الله”، أو “إمام الدعاة” تجسيداً لشخصية الشيخ محمد متولي الشعراوي، أو شخصيات أدبية مثل “طه حسين” أو فنية مثل مسلسل “أم كلثوم” أو “الملك فاروق”.
للشركة المتحدة إنجازات درامية خلال سنوات قليلة، فقد فتح موسم رمضان 2021 بوابة الأمل على مصراعيها لعودة الدراما المصرية، بعد أن حظي بعدد لا بأس به من أعمال يمكن أن تحقق المعادلة الصعبة في صناعة دراما عصرية جاذبة ومؤثرة يمكن أن يتفاعل معها الشباب. مثل الأعمال العشرة التي تم عرضها، وهى: مسلسلات (الاختيار 2، هجمة مرتدة، القاهرة كابول، لعبة نيوتن، ضل راجل، نجيب زاهي زركش، ولاد ناس، خلى بالك من زيزي، المداح).
وفي موسم دراما رمضان هذا العام 2024 تستمر “الشركة المتحدة” في إتاحة الفرصة لاكتشاف أكبر عدد من المبدعين وتقديم أكبر كم من الأفكار بايقاع سريع وبدون ملل، وشملت المسلسلات قصصاً اجتماعية تخص الإرث، والخيانة، والصراع مع الفقر، وقصص البلطجة، والتسوق، والمخدرات، لكن كانت هناك مجموعة من المسلسلات التاريخية الرمضانية، وأخرى اقتبست قصصها من روايات. وتقرر عرض 5 مسلسلات في النصف الأول من شهر رمضان على أن يكمل مثلها النصف الثانى من رمضان وهي: (نعمة الأفوكاتو، المداح.. أسطورة العودة، عتبات البهجة، الكبير أوي 8، حق عرب، كامل العدد +1، سر إلهى، مسار إجبارى).
نأتي لمسلسل “الحشاشين” والذي رصدت له “الشركة المتحدة” ميزانية تعد الأكبر في تاريخ الدراما العربية، وأسندت مهمة تأليف العمل ومعالجته إلى السيناريست للكاتب المخضرم عبد الرحيم كمال، وكذلك الإخراج إلى بيتر ميمي، الذي بدأ في التحضير لهذا العمل الضخم مع بطله الفنان كريم عبد العزيز منذ أكثر من عامين.
ويعد واحداً من أبرز مسلسلات رمضان هذا العام، ومنذ حلقاته الأولى، نال مسلسل “الحشاشين” اهتمام الكثيرين، خاصة أولئك المتعطشين لمشاهدة الدراما التاريخية، حيث يؤدي النجم كريم عبد العزيز دور الشخصية الأسطورية حسن الصباح، الذي ينغمس في “مذهب الإسماعيلية الشيعي”، ليؤسس لاحقاً الجماعة الغامضة، المعروفة باسم “الحشاشين”، التي اشتهرت بالاغتيالات السياسية في القرن الـ11 الميلادي.