إلى أمي.. إلى من تغرس بيدها كل يوم قمحَ حُلمِي، وتجمع رغم شتات أمري حصادي، وتطير نحوي متى قُصّ جَناحي، إلى زهرة ربيعي، حبيبتي التي استوت على عرش فؤادي.. كل عامٍ وأنتِ الخير لي فيه.
بكِ تأتي الأعياد، كما تأتي لنا بالحلوى الممزوجة بطيبِ نفَسِك وحلو صنيعك، لستِ بحاجة ليوم عيد، لأنكِ يا أمي عظيمة بكل الأيام، أنتِ القمر المستنير في الليالي الداجية، ومن سِواكِ يحتلّ القلب ويستحق الحبّ وقصائد الثناء.
اليوم أُهديكِ مما تُحبين، ستختلف كتابتي هذه المرة فستقرأين لي عنكِ -وهذا أعظم ما كتبت – اليوم أكتبُ لكِ ولم تسعِ السطور كلماتي، قلبي ينطق قبل لساني فتتلوّن أحرفي بالحب وتتدفّق كالبحر وتتسابق في السرد.. نعم في سرد وصفك أنتِ يا غاليتي.
أنا ابنةُ بيتي.. إذا ما انطفأت شمسِي تجلّت «أمي» وأنارت عتمة أيامي، ما أنا عليه اليوم هو حصاد دعواتها لي بالأمس، لا أُخفيكم سرًّا أنها ضحّت بالغالي والنفيسِ لتراني وإخوتي أشخاصًا ملءَ السمع والبصر.
عاشت طوال عمرها تُمنّي نفسها بيومٍ أصبحُ فيه «صحفية».. أسعد لحظاتي حينما ترتدي نظارتها وتُفتش عن «اسمي» بالجريدة أراها تتلهّف لرؤيته بشدة كالذي نال ما تمنّى، بل نال فوق ما يُعطى لأهل المُنى، فتبتسم، ويرِقُّ قلبي لابتسامتها ويرفرف كطائر جريح دبّت فيه الحياة.. وها أنا اليوم أقف عن عتباتِ الحلم الذي راودها زمنًا أُهديها اسمي وحلمي.
العقاد رحمه الله قال: «حين كانت الأيام تهدمني .. كانت أمي على مصلاها تبنيني».
صدق.. فدائمًا ما تحفّني بدعواتها، فيفترش طريقي بالورود والرياحين، وتشرئب الأقاحي في الأرض البور، ويخال لي وجهها طوال يومي كأنه البدر في ليلة تمامه، وتلازمني نظرات عينيها الصافيتين كصفاء الليل، وصوتها الذي يضخُّ الحياة في أركانِ بيتنا.
في كل ليلةً، أعود لمنزلي مُثقلة بأحداث يوم اختلط فيه الضحك بالبكاء، فتفتح لي الباب وتستقبلني بأحضانها الدافئة وابتساماتها العِذاب، فسُرعان ما يذوب همّي كذوبان الثلج في الماء.. إنه أثرُكِ، أنتِ الدنيا والدنيا أنتِ.
كل عام وأمي وأمهاتكم بخير، رزقنا الله برّ أمهاتنا في كل لحظة من أعمارنا، ورحم من سبقونا منهن إلى دار الحق وجعل الجنّة سكنًا لهُن.
دُمتِ لنا أماننا ومأمننا وعَمود بيتِنا.. ابنتك الممتنة دائمًا إلى أعظم أم.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية