هناك العديد من الملفات الهامة التي تنتظر الحكومة الجديدة، ولكن من وجهة نظري المتواضعة أن الثالوث القاتل «الفقر- المرض- التعليم» يجب أن يكون على رأس هرم الأولويات في المرحلة المقبلة لأسباب عديدة، أهمها أن الغالبية العظمى من الشعب بات تحت خط الفقر، ولم يعد في مقدرة الكثيرين التعايش والتأقلم مع الظروف الاقتصادية الصعبة، حال جنون الأسعار الذي دق أعناق الرجال وحول الحياة في ظل ضيق ذات اليد، والفشل في تلبية أبسط المتطلبات المعيشية إلى جحيم لا يطاق.
والفقر دائما أوسع الأبواب لتوطين الأمراض في الأجساد العليلة، وغياب التأمين الصحي الشامل الذي يكفل لجموع المواطنين حياة كريمة، خاصة في ظل ارتفاع أسعار العلاج في المستشفيات الخاصة، واختفاء مئات الأصناف من الأدوية التي بات الحصول عليها دربا من الخيال، ويلف ذوي المرضى «كعب داير» أملا في الحصول على شريط دواء، ناهيك عما يعانيه المرضى من النقص الحاد في المستلزمات الطبية، وخصوصًا الصمامات والدعامات، ومواد التخدير والإفاقة وغيرها.
التعليم المفروض أن يكون الهدف الأسمى في برامج التنمية وخطط المستقبل وآفاق الغد المشرق، فالتعليم هو أساس البناء وأصل النهضة والسيف البتار القادر على هزيمة الفقر والمرض، والعقل المبني على أسس وبرامج تعليمية عصرية، يستطيع أن يعالج الجسد العليل ويقيه شر الأمراض، ويدفع عنه كل المخاطر في كافة المجالات.. لكن الطرق التعليمية في مصر أكل منها الزمان وشرب، وأغلب من يتولون الزمام يحتاجون الخضوع للتعليم من جديد ولا يصلحون لإنقاذ أنفسهم فكيف ينقذون وطن من براثن الجهل.
الثالوث القاتل وكيفية القضاء عليه هو البداية الحقيقية لتؤكد الحكومة الجديدة شعبيتها، وإنها حكومة تعمل لصالح جموع المواطنين في ربوع الوطن، وبالطبع ليست هذه فقط كل الملفات التي تنتظر حكومة مدبولي الثانية 2024، ولكن هناك قائمة طويلة للعناوين العريضة التي تهم قطاعات كبيرة، ونؤكد أن هذه الملفات الثقيلة إن لم تجد طريقها للحل فسوف تعوق مسيرتنا على أبواب الجمهورية الجديدة، التي نأمل أن تحدث فارقاً جوهريا في حياتنا.
الملف الاقتصادي والرعاية والحماية الاجتماعية، يجب أن يكون من أولويات الحكومة الجديدة، إضافة إلى ضرورة وضع حلول جذرية لأزمة الطاقة، ومواجهة ارتفاع الدين العام، والتضخم، ورفع معدل النمو الاقتصادي، وإعطاء فرصة أكبر أمام القطاع الخاص للاستثمار، والاتجاه نحو التصنيع، من خلال اختيار الكفاءات المتخصصة، كما أن ملف الطاقة بات بحثه وقطع خطوات إيجابية فيه ضرورة، عبر التوسع في إنشاء وإدارة محطات الكهرباء المستدامة مثل الطاقة الشمسية وتوليد الكهرباء من الرياح، وتوفير التمويل اللازم للمشروعات من قبل البنوك.
الحكومة الجديدة أماها العديد من التحديات الإقليمية والدولية ومنها حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة خاصة نكبة غزة وما يتعرض له القطاع المحتل من حرب إبادة عنصرية يرتكب خلالها الصهاينة أكبر مجزرة وهولوكوست انساني في العصر الحديث.
يمثل ملف الأمن القومي التحدي الأكبر للحكومة الجديدة في ظل الحدود الملتهبة في غزة ولبنان وسوريا شمالا، وليبيا غربا، وفي السودان جنوبا، وفي اليمن وباب المندب، وما يحدث بشأن سد النهضة في إثيوبيا
باختصار.. الحكومة الجديدة ليس لديها رفاهية الوقت لتدرس وتناقش، ما يعني أنهم سينطلقون فوراً في تحقيق مخططاتهم بدقة على أرض الواقع، فلم يعد لدينا رفاهية الاختبارات واستنساخ التجارب التي لاتسمن ولا تغني من جوع، حتى قتل الموت البطيء كل أحلامنا.
نأمل أن يستعيد الشعب ثقته في الحكومة بعد أن فقدها في الحكومات المتعاقبة، تلك الثقة تحتاج المزيد من العمل الجاد والمضنى والمتواصل، من أجل رفاهية الوطن واسعاد المواطن
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية