كنت شغوفا بقراءة الصحف يوميا وأكون سعيدا جدا بضخامة عدد يوم السبت لأخبار اليوم فهو العدد الأسبوعي والخميس للجمهورية والجمعة للأهرام وكنت دائما اتصفح الجرائد من الخلف بعد قراءة العناوين الرئيسية للصفحة الأولى.
وفي جريدة الأخبار ابدأ بـ«فكرة» مصطفى أمين بعد الاستمتاع بكاريكاتير مصطفى حسين وادخل إلى عمود محمد زكي عبد القادر فصفحة أبو نضارة لنبيل عصمت ثم «نص كلمة» للكاتب الساخر شديد الذكاء أحمد رجب وأحيانا كنت استمتع بمقال محمد عفيفي.
وكنت قد شرفت بلقاء الكاتب الكبير مصطفى أمين في مكتبه وعبرت عن شغفي بعموده «فكرة» وذكرت له بعض الأمثلة وكان ذلك في السنة الثانية لدخولي كلية الطب.. وقصصت عليه مشواري من تحت الاحتلال حتى الوصول إلى كلية الطب في عجالة وكيف أن موظفا جاهلا بالتاريخ والجغرافيا وهو مدير شئون الطلبة بطب القاهرة وقتها جعلني ألف كعب داير بلغة رجال الشرطة بحجة أنني قد لا أكون مصريا لأن شهادة الثانوية العامة مكتوب عليها قطاع غزة وسيناء.
واطلعته على أوراقي الثبوتية.. وفي نهاية اللقاء قال لي لا تحزن سوف تقابل في حياتك عقبات كثيرة فلا تجعل شيئا يكسرك.. واهداني كتابه سنة أولى سجن، وأعطاني ظرف مغلق طلب عدم فتحه إلا عند عودتي إلى مقر إقامتي ولكني طبعا فتحته على سلالم أخبار اليوم.
ووجدت فيه عشرة جنيهات وكانوا وقتها مبلغا كبيرا وورقة صغيرة احتفظت بها طويلا.. مكتوب عليها تمنياتي بالنجاح والتفوق بتوقيعه وقد عرفت فيما بعد أنه يفعل ذلك مع الكثير… ولا أنكر سعادتي بلقائه.
وقد تمنيت لقاء توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ولم أوفق لكني قابلت يوسف إدريس في مبنى الأهرام.. بعد أن كتب مقال المعجزة المقلوبة… وبرغم أنني كنت قريبا من كبار رجال الدولة بعد ثورة يونيو 2013 بحكم عضويتي في المجلس القومي لحقوق الإنسان لم أتمكن من لقاء محمد حسنين هيكل الذي تمنيت لقائه فقد كنت معجبا بكتاب «لمصر.. وليس لعبد الناصر» وخريف الغضب.
والتقيت الوزير عمرو موسى فقد كنت معجبا باعتداده بنفسه وموقفه من إسرائيل وكنا على اتصال دائم عندما ترشح للرئاسة وعرفت عن قرب الدكتور مصطفى الفقي فهو على قدر علمه ومكانته الكبيرة فهو شديد التواضع ومنحني فرصة التحدث أمام جمع غفير من المثقفين في مكتبة الإسكندرية ودعاني للعشاء ذات يوم ظنا منه أنني أرافق الوزير محمد فأئق في الإسكندرية واعتذرت لأني كنت في القاهرة.
واستمتعت بأكثر من لقاء مع الكاتب الكبير يوسف القعيد، كنت أتمنى أن أحضر حفلا لأم كلثوم أو عبد الحليم ولكن ساقتني الأقدار لأحضر جنازته… تمنيت حضور حفل فيروز في حديقة الأندلس في السبعينات ولكن ثمن التذكرة كان يعادل مصروف شهر كامل.
كنت معجبا بالدكتور عبد الحميد حسن رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة..والتقيته عندما قابلنا الرئيس السادات في سهل الطينة بعد اتفاقية السلام لنزرع الزيتون في سيناء المحررة كرمز للسلام ثم دار بيننا نحن طلبة الجامعات من أبناء سيناء والرئيس السادات ونحن جلوسا على الأرض دار بيننا حديث لاينسى.
ثم التقيته مرة أخرى وأنا طبيب امتياز إدارى مستشفى بولاق الدكرور حيث جاء يزور المستشفى ليلا وهو محافظ الجيزة وتذكرني وأنا استقبله حيث اصطحبته في المصعد حتى مكتب المدير الذي كان في انتظاره.
كنت أود أن أقابل أنيس منصور وخاصة بعد أن قرأت له «حول العالم في 200 يوم» وكتاب «الذين هبطوا من السماء»، وذهبت له مجلة أكتوبر ولم يحالفني الحظ، ولكن اسعدني الحظ بمرافقة الكاتب الكبير الراحل صلاح منتصر صاحب عمود مجرد رأي في الاهرام.. فقد كان معي عضوا في المجلس القومي للصحة النفسية والتقيت بالشخصية الأسطورية الدكتور أحمد عكاسة وأجريت معه حديث في فيلم تسحيلي وكذلك الراحل يحى الرخاوي وكان الحديث معه سيمفونية رائعة.
أما أسطورة الطب وصاحب أكبر تاريخ في نقابة الأطباء الدكتور حمدي السيد فقد كان أبا روحيا تعلمت منه كيف تتحدث ومتى وأيضا كان لنا حديث طويل قبل رحيله.. ودار بيني وبين السير مجدي يعقوب حديث طويل حيث كنا على نفس الطائرة ونزلنا مطار هيثرو والمسافة ما بين كابينة النزول والجوازات طويلة وكانت خطوته بطيئة فاستمتعت معه بحديث طويل تمنيت ألا ينتهي.
ومن الكتاب والسياسيين المخضرمين الذين تشرفت بهم وتأثرت وتعلمت منه الراحل ا. عبد الغفار شكر المؤرخ للتنظيم الطليعي والطليعة الثورية.. لم يعطينا الزمن وقتا كافيا لنستزيد من المفكر الراحل رجائي عطية فقد كان عضوا معنا في المجلس القومي لحقوق الإنسان ولكنه استقال مبكرا.
سعدت يوما بمشاركة الخال عبد الرحمن الأبنودي في سهرة رمضانية في صوت العرب «دعوة على السحور» ولكني كنت أحلم بأن التقي عبد الرحمن بدوي وعبد الرحمن الشرقاوي وزكي نجيب محمود والدكتور مصطفى محمود ولكن أحمد الله انني عشت ردحا من الزمن أقرأ كتاباتهم المتجددة على متن الصحف والكلمات لا تموت.
فقد عشت مع نزار قباني ولم أراه وأحببت إحسان عبد القدوس وساق لي الزمن ابنه محمد لنتزامل في مجلس حقوق الإنسان 8 سنوات وأحببت صلاح ذو الفقار لاسمه وخفة دمه.. فصادفني القدر بابنته ا.منى المحامية الكبيرة عضوا في مجلس حقوق الإنسان وزمالة سنوات طويلة وعشت سنوات بصحبة أحد رواد حقوق الإنسان المرحوم حافظ أبو سعدة والرائع حورج إسحق رحمه الله والاستاذ نجاد البرعي أحد عشاق الحياة والحبيب المستشار منصف سليمان والسفير الهادئ محمود كارم محمود ابن أقوى وأحلى أصوات الزمن الجميل.
وكان حظي في حديقة ورود اذ جمع كل هؤلاء في مجلس واحد نلتقي شهريا وبانتظام غير الجلسات الفرعية.. وجمعتني الصدفة التي كانت خير من ألف ميعاد بالدكتورإسماعيل سلام والذي أصبح وزيرا للصحة بعد ذلك بعلاقة خاصة وأخوية امتدت عقود ومازالت، ومازالت ايضا كل كوادر وزارة الصحة تذكره بكل الخير بانجازاته الشامخة رغم تركه الوزارة منذ أكثر من 20 عاما.
وأروع ما عرفت وقابلت الوزير محمد فائق الذي شرفت بالعمل معه ثماني سنوات وهو رئيسا للمحلس القومي لحقوق الإنسان وهو أقدم وزير في مصر حيث كان وزير الإرشاد القومي في زمن عبد الناصر ثم وزير الإعلام وأمين عام مساعد الأمم المتحدة والذي حبسه السادات ومعه كل رجال عبد الناصر عشر سنوات ولم اسمعه يوما يذكره بسوء رغم إحساسه المرير بالظلم إثر المحاكمة الصورية التي راح ضحيتها وأضاعت أحلى سنوات عمره خلف القضبان.
أما الدكتور بطرس غالي ذلك السهل الممتنع فقد كان رئيسا شرفيا للمجلس ولم نحظى منه إلا بالقليل وكما ذحرت أخبار اليوم أذكر الأاهرام ومقال توفيق الحكيم الاثنين وزكي نجيب محمود الثلاثاء وعبد الرحمن الشرقاوي الأربعاء وعمود المستنير البسيط غزير المعرفة أحمد بهاء الدين ومن قريب سلامة أحمد سلامة ومجرد رأي لصللح منتصر وقصص عبد الوهاب مطاوع يوم الجمعة.
وجريدة الجمهورية والعظيم محسن محمد وعبد الرحمن فهمي ومن ثقب الباب لكامل زهيري وصواريخ إبراهيم الورداني.
هذه بعض وليس كل الشخصيات والنماذج الجميلة والمؤثرة التي التقيتها أو قرأت لها بانتظام وأكيد هناك المزيد.. نعم كان القدر سخيا معي وأحمد الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية