سقوط نظام بشار الأسد «المستبد» كان بمثابة انفجار سياسي وأمني دمّر بقايا الدولة السورية، وأطلق العنان لصراع شرس على السلطة بين الميليشيات المسلحة والفصائل المعارضة، في وقتٍ تتحرك فيه القوى الإقليمية والدولية كذئاب جائعة لاقتسام الغنائم.
إيران وتركيا وروسيا وأميركا وإسرائيل، جميعهم ينهشون ما تبقى من سوريا دون رحمة، فإيران تكرّس نفوذها الطائفي، وتركيا تحاول إعادة أمجادها وتلهث وراء استعادة أوهام الإمبراطورية العثمانية، وروسيا وأميركا تتقاتلان على النفوذ الجيوسياسي، وفي وسط هذا الجحيم، يواجه الشعب السوري مصيره المجهول، دون وطن ولا أمل.
إسرائيل لم تتوانى لحظة واحدة واستغلت الوضع القائم وأغارت على كل المواقع العسكرية بضربات مدمرة بل واخترقت ريف دمشق بجرأة تفضح انهيار السيادة السورية، منتهكة اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، وموجهة رسالة قوية بضرباتها وغاراتها الجوية تفيد بأن سوريا أصبحت مستباحة لكل من يملك القوة، لا حدود لها ولا خطوط حمراء، ما ينذر بدفع المنطقة إلى شفا مواجهة كبرى، قد تتحول إلى حرب مفتوحة تتخطى حدود سوريا التي تغرق حاليا في الصراعات الداخلية والانقسامات التي لا حصر لها.
هذا الصراع على المصالح الدولية يجعل من سوريا «ساحة حرب عالمية مصغرة»، قد تنفجر في أي لحظة لتشعل المنطقة بأكملها.
الأحاديث عن تسوية سياسية في سوريا تبدو كأضغاث أحلام، فالساحة مليئة بالفصائل المتصارعة والأطراف الدولية التي تغذي العنف لتحقيق أجنداتها.
أما الحوار الوطني، الذي قد يكون طوق النجاة الوحيد، يقف عاجزًا أمام مشهد تسوده الدماء، والطموحات غير المشروعة، السلام هنا ليس خيارًا، بل معجزة تحتاج إلى قوة أكبر من الصراعات ذاتها وتتجاوز قوى الدمار نفسها، والخيار ليس بيد السوريين، بل في يد من يديرون اللعبة من وراء الكواليس، الوقت ينفد.
ويبقى السؤال المؤلم: هل سينتصر الشعب السوري بإرادته المكسورة؟ أم أن آلة الحرب والطغيان، التي تحركها أطماع الخارج وشياطين الداخل، ستجهز على ما تبقى من وطن يتهاوى تحت وطأة الفوضى والخراب والغارات الاسرائيلية وزحفها على قرى ريف دمشق؟
سوريا اليوم ليست على حافة الهاوية فحسب؛ بل هي على شفا الزوال، حيث تتحول أرضها إلى ساحة للصراع الدموي، وكل طرف يحاول أن يأخذ نصيبه من الغنيمة في وطن بات على حافة الهاوية.
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية