جاءت القمة الأفريقية الأخيرة بموقف حاسم يكرّس التضامن العميق بين دول القارة السمراء والقضية الفلسطينية، في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية المدعومة من الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب.
في ظل العدوان المستمر على غزة، ووسط محاولات تصفية القضية عبر ما يُعرف بـ«صفقة القرن»، أرسلت إفريقيا رسالة قوية إلى العالم، تؤكد أن حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف، وأن النضال ضد الاحتلال لا يعرف حدودًا جغرافية.
لطالما كانت القارة الإفريقية ركيزة أساسية في دعم القضايا العادلة، متسلحة بإرثها النضالي ضد الاستعمار والتمييز العنصري.
ومنذ أن بدأت إسرائيل محاولاتها لاختراق القارة دبلوماسيًا واقتصاديًا، واجهت مقاومة من العديد من الدول التي تدرك تمامًا التشابه بين معاناة الفلسطينيين ونضالها السابق ضد الاستعمار.
القمة الإفريقية الأخيرة لم تخرج عن هذا الإطار، حيث شدد القادة الأفارقة على دعمهم الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني وإدانة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه في غزة.
لم تكتف القمة بتكرار المواقف الدبلوماسية التقليدية، بل حملت رسائل مباشرة للولايات المتحدة وإسرائيل، مفادها أن القارة الإفريقية لن تكون طرفًا في أي مشروع سياسي يُكرّس الاحتلال.
إدارة ترامب التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأوقفت المساعدات عن الفلسطينيين، وجدت نفسها أمام جبهة إفريقية رافضة لتلك السياسات.
أما نتنياهو، الذي حاول لسنوات كسب دعم بعض الدول الإفريقية، فقد تلقى صفعة دبلوماسية جديدة، تؤكد أن إسرائيل لن تستطيع طمس الحقائق أو شراء المواقف.
في الوقت الذي تثبت فيه القارة الإفريقية موقفها الواضح، يترقب العرب والمسلمون قرارات القمة الخماسية المرتقبة في السعودية، والتي تهدف إلى تنسيق الجهود الإقليمية لمواجهة التحديات الراهنة، بالإضافة إلى القمة العربية الطارئة، التي قد تشكل فرصة لتوحيد الصف العربي في دعم غزة والتصدي للانتهاكات الإسرائيلية.
الترقب الشعبي لهذه القمم يعكس مدى الحاجة إلى قرارات حاسمة، لا تكتفي بالتنديد، بل تتجه نحو خطوات عملية توقف نزيف الدم الفلسطيني وتواجه السياسات الأمريكية والإسرائيلية الساعية لطمس الحقوق العربية.
باختصار.. الموقف الإفريقي الراسخ في دعم فلسطين يجب أن يُترجم إلى خطوات عملية، من خلال الضغط في المحافل الدولية، وتعزيز التعاون مع الدول التي تناصر القضية الفلسطينية، وقطع الطريق أمام أي اختراق إسرائيلي للقارة.
كما أن هذا الانتصار الدبلوماسي يعكس أهمية وحدة الصف العربي والإسلامي في مواجهة السياسات الأمريكية والإسرائيلية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
القمة الإفريقية أثبتت أن غزة ليست وحدها، وأن هناك قوى دولية لا تزال تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية. فهل تستثمر الدول العربية هذا الزخم الإفريقي في دعم حقوق الفلسطينيين على الساحة الدولية، أم تظل مجرد بيانات بلا تأثير حقيقي؟ الأيام القادمة وحدها ستجيب.