بقام – لينين الرملي
كانت المسرحية رقم السابعة والعشرين فى أعمالى المسرحية وفيها يحاكم بطل هذه المسرحية على الأحلام التى يراها فى منامه، سواء أحلامه الوردية أو كوابيسه المرعبة.
هذه هى فكرة المسرحية التى حلمت بها يوما، فيصحو فيجد أن جهازا حديثا يلتقط كل الإشارات التى تمر فى خياله أثناء نومه بل وحتى لحظات أفكاره.
ثم يستدعى للجهات الخاصة لسؤاله عن كل ما دار بخلده. وعليه يقدم للمحكمة رغم أنه لم يفكر أن يحول هذه الأحلام الغريبة إلى حقائق. وعبثا حاول أن ينفى التهم التى رآها ولكن عندما فكرت أن أحكى لكم هذه الأحداث كان على أن أروى بعضها فقط أو أبتلع حلمى كله وأسكت!
فوضع المؤلف دائما يبدو كوضع الشاهد فى المحكمة وهو وضع خطير، فهو يقسم أن يقول الحق ولا شيء غير الحق ولكنه قد يشهد أحيانا بالزور فيتسبب فى إدانة المتهم البريء. وقد يشهد أحيانا بالحق فيصبح هو المتهم الأساسي!.
ولذلك أقسمت أن أقول بعض (الحق) ولا شيء غير (بعض) الحق!.
فإذا كان هذا النص يروى حلما ناقصا أو يكتنفه بعض الغموض فأملى أن يكمل المتفرج الذكى تفسير معانيه ودلالاته كما يحلو له. وأن يدافع عما فعله لأنه لم يحقق أحلامه على أرض الواقع كانت فكرة المسرحية جديدة. وفى بداية العروض الأولى كانت ناجحة تماما.
وجاءت كابوسيه وفى نفس الوقت كوميدية رغم التهمة التى وضعته فى القفص، لكن بعد فترة من المسرحية راح أحد الممثلين يؤلف بعض الجمل من عنده مستخفا بالنص مستظرفا نفسه وكان يعمل معى لأول مرة. ولم يكن نجما وسكت المخرج عن هذا الممثل ولكنى لم أسكت ولم أتكلم مع الممثل بل لفتُ نظر المخرج إلى ما يفعله وطلبت منه أن يصحح الأمر ولكنه أى الممثل هدد بأن يترك العمل كأنه لم يوقع على النص كما هو وباختصار كأنه يلعب الدور كل ليلة لكى يسعد ابنه الذى يحضر كل ليلة معه فى الكواليس!
ولكن المسئولين عن العمل أجبروه على عدم الخروج عن النص. فلم ينسحب من العمل لكنه توقف عن الخروج عن النص وهو ما يحدث كثيرا فى مسارحنا.
إذ يتحول الممثل إلى مؤلف وأحيانا إذا كان يعمل يلعب دور البطل يمنع الممثلين الأقل شهره أن يفعلوا ذلك لغير ما يريده هو. وهى آفة فى مسارح الدولة ومسارح الفرق الخاصة بشكل أكبر وغالبا لا يوقفه المخرج حتى يستطيع أن يضمن أن يطلبه المنتج ثانية وفى حالات أخرى بناء على طلب النجم والذى يتدخل أيضا فى اختيار بقية الممثلين أو يقصى بعضهم حتى خلال العروض ولأتفه الأسباب.
ولكن لم يجعلنى هذا الممثل أعترض عليه فى أعمال أخرى لأنه لم يخرج عن النص كما فعل من قبل. وإذا كان هذا النص يروى حلما ناقصا أو يكتنفه بعض الغموض فأنى آمل أن يكمل المتفرج الذكى تفسير معانيه ودلالاته. حسب ما يراه وما يحدث له فى صحوه ومنامه.
باختصار..
لم أقل كل ما شاهدته فى منامى! وبعبارة أدق كل ما شاهدته فى صحيانى أيضا؟
ولهذا أفضل أن أقدم لكم المسرحية بنفس المرافعة التى يدافع بها بطلها عن نفسه فى نهايتها.
حضرات القضاة.. أنا معترف.
وأقر أمام حضراتكم أنى مختلف.
أحلامى جريمتى.. فى عرفكم.
لأن الحق غائب عنكم.
أحلامى حقيقتى..
كينونتى وشخصيتي
الأمر الواقع بكرة هينتهى.
والحلم خالد.. غصب عنكم.
كل الأحلام جميلة.. والسيادة فى النهاية للخيال.
كل الأحلام حقيقة وبقاء الحال محال.
أنا معترف.. وبقر أننى مختلف.. حلمت بكل ده.. وبأكثر من كده.
بحلم لنفسى وحبيبتى وأولادى وأمى.. ولبلدى وصحابى.. والناس كلهم.. بحلم لكم.. كلكم.
وأقول لهم احلموا.. احلموا.. احلموا.. على قد ما تقدروا.
وفوقوا.. وحققوا فى يوم حلمكم.