«كنا أمة ترعى الغنم فجاء الإسلام وجعلنا أمة ترعى الأمم.. وعندما ابتعدنا عن الإسلام صرنا أغناما ترعانا الأمم » أقصر قصة مخيفة في القرآن: {نسوا الله فأنساهم أنفسهم} #هشاميات»
هذا المنشور على صفحة الدكتور هشام حسين خبير التدريب والاستشارات صديقي على الفيسبوك منذ سنين، فنبتت لدي فكرة هذه المقالة أو الخاطرة، وبعدما استأذنته في تطويرها كان لزاما علي نسب الفضل لأهله.
لم يكن في الجزيرة العربية حضارة صاخبة، ولا علوم مزدهرة، ولا إمبراطوريات تسود العالم. كان هناك بشرٌ بسيطون، يقودون أغنامهم في الصحراء، يعيشون على الفطرة، ويتنازعون على الماء والكلأ. لكن حين جاء الإسلام، أخرجهم من صحراء الذات إلى آفاق الرسالة، ومن رعي الغنم إلى رعاية الأمم.
تحول أولئك الرعاة البسطاء إلى سادة في العدل، قادة في القيم، بناةٍ لحضاراتٍ عريقة نشرت العلم، وحررت الإنسان، وأقامت ميزان الرحمة قبل ميزان القوة.
لكن حين بدأت هذه الأمة تنسى مصدر عزتها، وتغفل عن جوهر رسالتها، وتستبدل المبادئ بالمصالح، والأصالة بالتقليد، والحق بالمجاراة.. بدأت رحلة النكوص. فكما رفعهم الإسلام، لمّا ابتعدوا عنه، سقطوا في هوة التبعية، وصاروا غنيمة الأمم بعد أن كانوا هداة لها.
أقصر قصة مخيفة تحكي هذا التحول الخطير، جاءت في كلمات معدودات، لكنها تحمل زلزالًا روحيًا: {نسوا الله فأنساهم أنفسهم}.
إنه نسيانٌ مزدوج: نسيانٌ لله قاد إلى نسيان الذات، فصار الإنسان لا يعرف من هو، ولا لماذا هو، ولا إلى أين يسير.
إن أخطر ما يصيب الأمة ليس الاحتلال، ولا الفقر، ولا الجهل؛ بل أن تُسلَب منها روحها، وأن تُقنع بأن دورها في الحياة انتهى، وأن أفضل ما تفعله هو أن تحاكي غيرها في مشيته، وثقافته، وتفكيره، بل وفي نسيانه لربه.
لقد كانت أمتنا في أوج قوتها حين جعلت القرآن مصدر رؤيتها، والإسلام محرّك نهوضها. واليوم، إذا أردنا أن نعود، فلن يكون ذلك عبر طريق السياسة وحدها، ولا الاقتصاد وحده، بل عبر عودة واعية إلى منبع العزة الأول: {وَأَنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}
فلنحذر أن نكون من الذين نسوا الله، فأنساهم أنفسهم..لأن من فقد نفسه، فقد كل شيء.