بقلم – رضا هلال
في مشهد يتكرر ويثير علامات استفهام حول كفاءة أنظمة الحجز بسكة حديد مصر، شهد ركاب قطار 917 المتجه من القاهرة إلى الإسكندرية، في تمام الساعة الثالثة عصرًا، فوضى وتناقضًا واضحًا في آلية حجز التذاكر وتعامل الأجهزة التابعة للهيئة مع التغييرات الطارئة.
أحد الركاب حجز تذكرة من أحد المكاتب التابعة للهيئة على العربة رقم 8، المقعد رقم 24. وعند تحرك القطار، فوجئ براكب آخر يحمل تذكرة تحمل نفس البيانات – نفس العربة ونفس المقعد – لكنها مصنفة “كاملة الأجرة”، بينما كانت التذكرة الأولى بتخفيض الصحفيين.
وبينما ساد الموقف شيء من الارتباك، سادت الروح الودية بين الراكبين، إذ تفهّم الراكب الثاني الأمر، وانتقل إلى مقعد شاغر آخر داخل العربة نفسها. مشهد عفوي تجنّب صدامًا محتملاً، لكنه لم يخفِ الخلل العميق في نظام الحجز.
هذه الواقعة تكشف عن قصور واضح في منظومة إدارة المقاعد والتكامل بين قاعدة بيانات التذاكر، حيث يفترض أن تمنع الأنظمة الرقمية حدوث هذا النوع من التكرار تلقائيًا، لا سيما مع تطور تقنيات الحجز الرقمي عالميًا.
المفارقة الأكبر أن العربات التالية، خاصة العربة رقم 9 و10، كانت شبه خالية من الركاب، بنسبة إشغال لم تتجاوز 40%، ما يطرح تساؤلات جادة:
لماذا تُباع تذاكر لمقاعد مزدوجة الحجز بينما تُترك عربات بأكملها دون استخدام؟
الحادثة تثير الشكوك حول ما إذا كانت زيادة أسعار التذاكر بنسبة تتجاوز 200% قد جاءت فعلًا لتحسين الخدمة كما يُروَّج، أم أنها تغطي خللًا إداريًا وتقنيًا عميقًا. فحين تُباع نفس التذكرة مرتين، دون أن يرصد النظام ذلك، وتظل عربات بأكملها فارغة، فإن الحديث عن «الرقمنة والانضباط» يفقد معناه.
إلى متى تظل مقاعد القطارات شاغرة، والركاب يتكدسون على كرسي واحد؟ ومن يحاسب النظام حين يخطئ؟