بقلم – إيمان عبدالمؤمن:
يقول كثير من الرجال إن كل النساء سواء، ويرد الشاعر «عبدالعزيز جويدة»: ليسَ كلُّ النساءِ سَواءْ، كنتُ أجهلُ هذا، وكنتُ أُجادلُ فى كِبرِياءْ، وكنتُ أظنُّ بأنَّ الجداوِلَ، قد تَتشابهُ فيها المياهْ، وأنَّ بُطونَ البحارِ العميقةِ، قد تَتشابهُ فيها الحياةْ، وحينَ التقينا مِن دونِ وَعدٍ، أصبحتُ أعرفُ أنَّ المقولةَ، مَحضُ افتراءْ، وزيفُ ادِّعاءْ، وأصبحتُ أُومنُ أنَّ النساءْ، قوافلُ عشقٍ، تأتى إلينا بأمرِ السماءْ، وبعضُ القوافلِ تأتى بِفضَّةْ، وبعضُ القوافلِ تأتى بِماسٍ، وبعضُ القوافلِ تأتى خَواءْ، ستَسْألُ يومًا جميعُ النساءِ: ما الفرقُ بينَكِ وما بينَهنَّ؟ ألَسْتِ كغَيْرِكْ؟! ويغْضَبنَ منِّى، ألَسْتِ ككلِّ النساءِ اللواتى، أراهُنَّ حولى وأعرفُهُنْ، أقولُ لهُنْ، بأنَّ الحبيبةَ ليستْ تُقاسُ بِمقياسِهِنْ، وأنتِ حبيبةُ عمرى الوحيدةُ ما بينَهُنْ، وأنتِ التى لو مَزَجْتُ هواها، بماءِ البحار، لعطَّرَهُنْ، وأنتِ التى لو مَنحْتُ صِباها، لكلِّ النساءِ لَجمَّلَهُنْ، فماذا يَقلنْ…؟!، مشاعرُ قلبى حريقٌ رهيبٌ، كنارِ البراكينِ لو مَسَّهُنْ، وبينى وبينَكِ ما لا يُقالُ، وأشياءُ شتَّى، تفوقُ كثيرًا خيالاتِهِنْ، فإنْ كُنَّ أحلى فما عادَ يُغنى، فمهما يَكُنْ، فأنتِ بوادٍ وهُنَّ بوادٍ، وشَتانَ ما بينَ هذا وذاك، ومهما يُحاولنَ منكِ وُصولاً، سيبقى مُحالاً، إليكِ يَصلنْ، ففيكِ الذى، ليسَ فيهِنَّ أجمَعْ، لذلكَ دومًا، منكِ يَغِرنْ، وأعذِرُهُنْ، فلو قلتُ ما فيكِ من مُعجزاتٍ، أٌقسمُ باللهِ، قد يَنتَحِرنْ».
وترد «كاتبة السطور»: لو كان كل النساء سواء، كان كل الرجال سواء، وكنت أحببت وتزوجت من أحدهم منذ زمان فات، وسَكنْت غرفة الملل والمعتاد، ومُتْ ببطىء مثل الكثيرات، لكن الله خلق كل الرجال والنساء، ليسوا ولسن سواء، مختلفون ومختلفات، متفردون ومتفردات، مدهشون ومدهشات، فَصُنْت دِفء يدى وقُبْلَتى وحُضْنى لرجل واحد فقط، لا محالة هو «آت»، رغم كل ما صادفته من سحابات وخيالات وتفاهات رجال، لكننى فهمت تميزى، ولن أتخلى عن هذا الاستثناء.
لو كان كل النساء سواء، وكل الرجال سواء، كان الليل والنهار، الشمس والقمر، التنفس والاختناق، القبح والجمال، السماء والأرض، الحب والكره، الفرح والحزن، الأسود والأبيض والأخضر والأحمر وكل الألوان، سواء.
كانت موسيقى «بتهوڤن» و«موتسارت» و«عمر خيرت»، خطوط «إنچى أفلاطون» و«تحية حليم» و«جاذبية سرى»، حرفية «يوسف شاهين» و«فرانسيس فورد» و«ديڤيد لين»، ألَقْ «حافظ الميرازى» و«چون ستيوارت» والمدهش! «أحمد موسى»، إشراقة «سلوى حجازى» و«مريم سعيد» و«أوبرا وينڤرى»، عظمة الفن الفرعونى والرومانى والإغريقى، طِيبَ وطنى ومكتبى وسريرى وزهورى وكل الأمكنة والأشياء، سواء.
كانت قصائد «شوقى» و«شيلَر» و«السَّياب»، أشعار «مايا أنچيلو» و«إيمان بكرى» و«سعاد الصباح»، مسرحيات «الحكيم» و«شكسبير» و«إبسن»، كتابات «فيرچينيا وولف» و«رضوى عاشور» و«لطيفة الزيات»، عمق «فيروز» و«لارا فابيان» و«أصالة»، أساطير «فريدة فهمى» و«تحية كاريوكا» و«مايا بليتسكايا»، إحساس «حليم» و«فرانك سيناترا» و«ديميس روسيس»، سحر «فاتن حمامة» و«ميج ريان» و«زينات صدقى»، عبقرية «أحمد زكى» و«چورج كلونى» و«جيرارد بتلر»، فراشات الحب؛ «فاتن»، «غُصون»، «أمل»، «هالة»، «هدى»، «حنان»، «عبير»، سواء.
لو كان كل النساء سواء، وكل الرجال سواء، كان الكون كله؛ الحياة والممات، الحركة والثبات، الإهمال والاجتهاد، الضجيج والسكات، الدموع والضحكات، لمسة الحبيب وأى إنسان، ضمة الأب والأم والأخ والأخت والصديق والصديقة والغريب، عطر «الفل» و«الياسمين» و«النرجس»، سواء.
عفوًا أيها الرجال، أنتم لا تعرفون سوى النساء السواء، العاديات، المتشابهات، البائسات، مثلكم تمامًا، تتزوجهن، تخونهن، ثم تَدَّعُون تفاهة تلك «الخداعات»، رغم أن عالم «النفاقات» لا يحتمل «الزهيد» أو «الثمين» أو ما بين «هذا وذاك»، لكن أليس من يعجز أمام «الطفيفات»، رغم فحش تلك «المغالطات»، يعجز أمام «الكثيرات»، ومن يخون نفسه وعهده ووطنه «الصغيرات»، لا يُؤتَمن على ممتلكات وطنه «الكبيرات».
عفوًا أيها الرجال السواء، أنتم الأموات، لستم مثل الاستثناء؛ القمرات، المهلبيات، الأحياء، اللاتى خاصمن بإرادتهن الحرة سحر لمسات، قبلات، أحضان، باهتات، أنتيكات، تواريخ صلاحيتهن منتهيات.
يقول الله سبحانه العظيم: ( وجعلنا لكم «من أنفسكم» أزواجًا… )، لم يقل ( وجعلنا لكم «من أى أنفس سواء»… )، وسيظل يتغزل؛ الشعراء والشاعرات، الروائيون والروائيات، القصاصون والقصاصات، فى المجهولين والمجهولات، رغم أنَّهم وأنَّهُن، فى قانون الطبيعة «العادل»، موجودين وموجودات.
عزيزى الرجل المغرور والعنيد جدًا الذى أحبه، وليس ككل الرجال السواء، رَكِّزْ فى كلمات «سيدة المطر» الخطيرة «يا أيها الرجل أنا لست ككل النساء»: أنا امرأة ليست ككل النساء، أنا امرأة، كُلِّى كبرياء، أعلم أن روحك تخلو من النقاء، وأعلم أن وجودى معك، هو الشقاء، وحبى لك سيرسل بى حتمًا إلى الفناء، لكننى أفقت من غفلتى، وقررت البقاء، ليس معك، وإنما على قيد الاستثناء، لكننى لست ككل النساء، أدرك أنك ماهر فى اصطياد النساء، ولا فرق عندك إن كانت سمراء أو شقراء، والعبث بالكلمات هو عندك احتراف، لكننى لست ككل النساء، سأُقَطِّع حُبك أجزاءً وأجزاء، وسأدفن كل جزء فى حضن كل واحدة من تلك النساء، سوف تتلاشى، ستصبح ظِلاً فى الخفاء، وهناك لن ترانى سيدى؛ لأننى من عالم النقاء، وسأكون بعيدة عنك، بعد الأرض عن السماء، وحين تَمَلْ من عالم الغباء، سوف ترجع حتمًا، لكن!، ولا حتى لطلب السماح، سوف تجد الشوارع مليئة بالأضواء، والغناء ينبعث من الأجواء، لا تعجب!، إذ أننى قررت أن أحول بعض البكاء، بل كل البكاء، إلى غنــــــــاء!