دوائر فى الحكومة أخذت كلام الرئيس على ظاهره. لا عقل لتلك الدوائر ولا منطق. بؤر حكومية كثيرة بدت وكأنها «ببغائية» تجتر الألفاظ معظم الوقت، دون معرفة وبلا فهم.
فى مؤتمر الشباب تكلم الرئيس عن ثمن الخدمات الحكومية. قال إنه لا خدمة بلا ثمن. فهمت دوائر حكومية، أن معنى الكلام إعادة تسعير أغلب خدمات الحكومة مرة أخرى. بدأوا عمليات حسابية وأرقاما، ومسائل، وتوقعات فى الطريق لأسعار جديدة للخدمات.. تلبية للإشارة الرئاسية.
ولأن الحكومة فى انتظار «إشارة رئاسية»، ففى الشارع مطالبات للرئيس بإيضاح المقصود بكلامه لكن للحكومة. فى الشارع يرون أن إعادة الرئيس الكلام فى الموضوع مهم، وضرورى.
هناك من فى الحكومة، كما لو أنهم «ما صدقوا» أن تكلم الرئيس عن «ثمن الخدمات فى الدولة». ماصدقوا الرئيس يجيب السيرة، فينفتح أمامهم الباب، ويصبح للحكومة ألف حق ووجه لبحث إعادة «تسعير» كل الخدمات الفترة المقبلة.
مفترض قبل أن تتكلم الحكومة، ولو بينها وبين نفسها، عن إعادة النظر فى أسعار الخدمات، أن تعيد أولا النظر فى مواصفات تلك الخدمات. الصحة مثلا على رأس ما تقول الحكومة أنها تقدمها، بسعر مدعم، وفى متناول الأيدى، بينما هذا الكلام ليس صحيحا.
خدمة الصحة، مفترض أنها مدفوعة من المواطن، وربما هى أكثر الخدمات التى يساهم فيها المصريون بحصتهم فى الضرائب، ودون أن يستفيدوا فعلا بما يدفعون. تمول الصحة، بأعلى نسبة ضرائب على السجائر. الشريحة الأكبر من ضرائب الدخل، تقول الحكومة إنها تخصص للصحة، وخدماتها. رفعت الحكومة نسب الضرائب على السجائر أكثر من مرة، والسبب أن زيادة الإقبال على التدخين يكلف الدولة مليارات إضافية من الخدمات الصحية.
لكن الذى حدث، أن الحكومة تحصل الضرائب، ولا تدعم الخدمة الصحية كما يجب. تحصل على ضرائب، بينما خدمات النقل العام، لا تتحسن، خدمات التعليم، والتأمين الصحى لا تشهد تغييرا.
السؤال الذى يجب أن تسأله الحكومة لنفسها: هل يحصل المواطن على خدمة جيدة، مقابل ما يتحمله من الضرائب، مساهمة فى تلك الخدمات؟
الحكومة «مش فاضية»، والوزارء لا يسألون. لذلك، فالحركات الببغائية فى الدوائر الحكومية بعد كلام الرئيس عن «سعر الخدمة»، تستوجب إيضاحا رئاسيا. لذلك، يجب أن يعيد الرئيس كلامه فى الموضوع.
كلمهم يا ريس. قل لهم إنك تقصد جودة الخدمة، قبل أى حديث عن سعرها. قل لهم إن تطوير الخدمة الصحية، فى حاجة إلى ضبط، قبل الحديث عن إعادة النظر فى سعرها.
المطلوب من الحكومة إعادة النظر فى شكل أكثر من خدمة تهاوت، ومستمرة فى السقوط. ملف التعليم مثلا يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومة لإعادة النظر والتقييم. مفترض ابتكار نظام جديد، يضمن خدمات تعليمية جيدة للمراحل الأساسية، بينما يرفع الدعم عن التعليم العالى، باستثناء المتميزين والمتفوقين.
التعليم، مثال، وأمثلة أخرى ممكن طرحها لخدمات فى حاجة إلى إعادة نظر فى الجودة لا السعر والثمن. لكن حكومة شريف إسماعيل، لا تميز، ولا تدقق. فقط تنتهز أقرب الفرص، للقفز بحثا عن زيادة لتمويل الخزينة، بلا اعتبارات عملية أو متوازنة.
تقارير صحفية قالت إن دوائر قريبة من وزير الصحة قالت إن هناك رغبة للوزارة فى إعادة تسعير الخدمة الصحية بالمستشفيات الحكومية. لم يسأل أحد فى تلك الدوائر نفسه: كيف يمكن رفع سعر خدمة ليست موجودة من الأساس؟
الحل عند الرئيس. كلمهم يا يا ريس. فهمهم. قل لهم، ياريس إن عليهم كحكومة إعادة تقييم الخدمات، ثم تقييم الموارد وأوجه الإنفاق.. ليس البحث عن موارد جديدة.. لن يحتملها المواطن.