مقالى اليوم، ليس تعقيباً، أو نقداً، للحكم الذى أصدرته محكمة النقض، أول أمس، برفض الطعون المقدمة من المتهمين بمذبحة ستاد بورسعيد.. إذ للمحكمة وهى الأعلى درجة فى القضاء ـ لها رأيها.. خصوصاً وأن القضية متداولة أمام درجات القضاء منذ وقعت من خمس سنوات«!!». ولكننى أتناول هنا توقيت الإعلان عن قرار المحكمة برفض الطعون المقدمة من 52 متهماً.. لأن هذا الإعلان جاء بينما مدينة بورسعيد كلها فى قمة سعادتها لعدة أسباب، فى مقدمتها فوز النادى المصرى ـ معشوق كل أبناء المدينةـ وحبهم الأكبر ـ على بطل نيجيريا فى البطولة الكونفيدرالية الأفريقية لكرة القدم.
ذلك أن أبناء المدينة كلهم سهروا حتى الصباح للاحتفال بهذا الفوز.. وهى بادرة طيبة تخرج بناديهم الحبيب إلى عالم الإقليمية، على مستوى قارة أفريقيا.. ومن ذهب مرة الى بورسعيد يتأكد من عشق الأهالى لكرة القدم.. والأهم وقوفهم وراء المصرى، فريقهم الشهير.. ثم أيضاً احتفالاً بعودة الجماهير إلى الملعب، بعد حرمان طويل امتد لحوالى خمس سنوات.. وكان المنع سببه ما حدث، فى نفس المدينة.. وفى ستادها الشهير، فى المباراة المشئومة التى راح ضحية أحداثها 74 ضحية من مشجعى النادى الأهلى.
نعم.. كانت الحنكة والحكمة تقضى بتأجيل الإعلان عن الأحكام فى هذه القضية ولو لأسبوعين، وأسبوع واحد.. أما أن يجىء الإعلان، وبعد ساعات قليلة من فوز النادى المصرى، يجىء وكل أهل بورسعيد فى قمة سعادتهم.. فإن ذلك ـ كما يقول المنطق ـ كان يجب معه تأجيل إعلان الأحكام، خصوصاً وأن القضية تم تداولها فى أروقة المحاكم سنوات عديدة، منذ وقعت الحادثة يوم الأول من فبراير 2012.. وعقدت أولى جلسات المحاكمة يوم «17 ابريل 2012».. بل إن الحكم بالإعدام صدر يوم 9 مارس 2013 ثم تم تحديد يوم 6 فبراير 2014 للنطق بالحكم.. الى ان جاء قرار محكمة النقض برفض الطعون.. وهكذا جاء الحكم بإعدام 11 وبأحكام بالسجن مدداً متفاوتة على 41 متهماً آخرين.
فما الذى يمنع تأجيل إعلان هذا الحكم لعدة أيام.. حتى لا نجد فى بورسعيد ـ المدينة المنكوبة ـ من يقول إن هناك شبهة تعمد ضرب فرحة المدينة وأهلها.. وهى قليلا ما تفرح.. وأحزانها اكثر من أفراحها.. أى رد اللطمة للمدينة ـ عن هذه الجريمة فى فبراير 2012 ـ وحتى لا يتجاوز أحد ويقول، ان للحكم بعداً سياسياً.. أو تأديبياً، أمر جاء مراعاة لمشاعر أسر الضحايا.. وكلنا معهم ـ على مآسى عاشوها طوال خمس سنوات وأرفض بالمرة من يقول إن التوقيت جاء «أهلاوياً».
وأنا مع إنسانية توقيت أى حدث.. وحزنت كما حزن أهالى كل ضحايا الحادث. وقلبى معهم، لأن شبابهم الذين سافروا وراء فريقهم الأهلى الى بورسعيد كانوا فى قمة السعادة وهم يؤيدون ناديهم.. ولكنهم عادوا جثثاً لا روح فيها.
ترى ما الضرر لو كان الإعلان تأخر عدة أيام، خصوصاً وأن الجريمة وقعت منذ 5 سنوات.. فهل نحن هكذا دائما لا نعمل حساباً لإنسانية أى قرار، حتى لو كان حكما أو قراراً لأعلى محكمة جنائية فى مصر.. وتخيلوا مدينة تبكى شبابها.. وهى تحتفل بأول انتصار كبير لها!!