يلتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي لثامن مرة ضيفَه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى القاهرة.. وتأتى الزيارة الثامنة الأكثر أهمية فى طبيعة العلاقات الثنائية بين البلدين.
ويبدو أن «الكيمياء الشخصية» بين الرجلين قد تفاعلت بشكل شديد الإيجابية منذ لقائهما الأول، حينما زار المشير السيسى موسكو -حينئذ- كوزير للدفاع، والتقى بشكل مطوَّل مع الرئيس «بوتين»، وتم استقباله والتعامل معه كـ«رئيس دولة صديقة»، رغم أنه لم يكن قد ترشّح بعد.
هذه الزيارة سبقتها 7 لقاءات، ثلاثة فى موسكو، وآخر فى القاهرة، ولقاءان فى الصين، ثم لقاء أثناء انعقاد مجموعة «البريكس».
هذا الحوار المتصل والاتصالات الهاتفية التى لم تنقطع، والتعاون الأمنى على أعلى مستوى، والزيارات المستمرة لكبار المسئولين للبلدين، وآخرها زيارة وزير الدفاع الروسى للقاهرة منذ أيام قليلة، كلها تعكس «قوة العلاقة والشراكة الاستراتيجية بين البلدين».
هل العلاقات خالية من المشكلات؟ بالطبع لا، هناك تطابُق فى قضايا، وهناك اختلافات فى قضايا أخرى.
مثلاً: تريد القاهرة استعجال موسكو فى إعادة حركة السياحة الروسية لمصر، وتريد موسكو من جانبها سرعة تحريك ملف التعاقدات على مفاعل الضبعة النووى الذى تموّله وتنفذه روسيا.
من ناحية أخرى، هناك أخذ وردّ فى تفاصيل خاصة بملفات استراتيجية، مثل مستقبل سوريا، وعلاقات موسكو الخاصة مع أنقرة وطهران.
الإيجابى فى هذه المسألة أن كل طرف يتفهّم الظروف الموضوعية والمصالح العليا التى تدفع الطرف الآخر إلى اتخاذ ما يراه مناسباً فى هذه الملفات.
«أفهمك وتفهمنى»، «أقدّر مصالحك مقابل أن تقدّر مصالحى»، هذه هى الصيغة التى تجعل كلاً من «بوتين» و«السيسى» يتفاهمان شخصياً واستراتيجياً، خاصة أن كلاً منهما له خلفية العمل فى النشاط الاستخبارى.
مجال المخابرات يُعلّم صاحبَه الفهم العميق للمصلحة، وتفهُّم مصالح الآخرين، والتوصل لصيغة عملية مقبولة للطرفين.
ومنذ عام 1948 ومنذ اتفاق القطن بين مصر (المملكة) والاتحاد السوفيتى (الشيوعى) والعلاقات بين البلدين تقوم على المصالح.
ويلعب التسليح، وما زال، دوراً أساسياً فى ماضى وحاضر ومستقبل العلاقات بين القاهرة وموسكو.
وفى الاعتقاد أن نتائج زيارة وزير الدفاع الروسى الأخيرة لمصر سوف تنقل القاهرة من تصدّر المركز العاشر كأهم قوة عسكرية فى العالم إلى مركز متقدم قريباً جداً.