رسالتي إلى قيادات البرلمان، القائمين على الأمر، إن نجاح أي فريق، يتوقف على توافر الشباب الذين يملكون الحماس، والشيوخ الذين يملكون الخبرة والحكمة، والصحافة بصفة عامة، والصحافة البرلمانية بصفة خاصة، لا يمكن أن تحلق إلا بجناحين، جناح الشباب، وجناح شيوخ المهنة، أصحاب الخبرات، ورمانة الميزان.
وإنه في غياب شيوخ المهنة تفقد الصحافة، أهم عنصر لاستمرارها، ونجاحها، فحافظوا على شيوخ المهنة، حتى ينقلوا ما لديهم من خبرات، فهؤلاء يمثلون خبرة الوطن، والخبرة لا تصنع، إنما هي نوع من التراكم المعرفي، لا نستطيع أن نقدمه لشاب في مقتبل العمر وفي مقتبل الوظيفة، هذه الخبرات من الضروري الاستفادة منها، وإلا فإننا نكون كمن يبدأ من جديد في كل مرة. إن هؤلاء بخبرتهم يمثلون أساتذة للأجيال الجديدة، التي يمكن أن تكتسب منهم الخبرة.
أتذكر هنا فارس الحرف والكلمة، الراحل أسطورة الصحافة العالمية والعربية والمصرية، الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، ومقولته المشهورة « إنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال الاستغناء عن شيوخ وقامات مهنة الصحافة المصرية، بل يجب الاعتماد عليهم كأهل خبرة لتدريب وتعليم الأجيال الجديدة » ،ومطالبته لشيوخ المهنة بتدريب وتعليم الأجيال الجديدة حتى لا يحدث أي عجز أو خلل بعد رحيلهم.
أقول لزملائي المحررين البرلمانيين لكم الله ، بعد ما تخلت عنكم النقابة بمجلسها الحالي ، وخزلكم زملائكم الذين مازالوا يمارسوا المهنة تحت قبة البرلمان، وبعد إن حصدتم وعوداً ووعوداً ، من قيادات كنا نظن أنها ، لن ترضى بالعدوان والظلم الذي حدث لكم من قرار خاطئ ،لا تحزنوا من زملائكم الصحفيين داخل مجلس النواب والشيوخ ، الذين اختفوا عن هذا المشهد في ظروف تحمل علامات الاستفهام والتعجب ، بعد إن تخلوا عنكم ، وهم يملكون الكثير والكثير من الأدوات، لتصحيح الأوضاع الخاطئة ، ونصرة المهنة والمظلومين .
الأزمة والمحنة
إنهم تخلوا عنكم ، باستثناء وعود ، وشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع، لا تنتظروا خيراً من هؤلاء في التدخل ، وإنهاء الأزمة والمحنة التي تتعرضون لها، خاصة وإن المسئولين عن المنظومة الإعلامية والصحفية في مصر في أعلى مراتبها ، كانت في ضيافة مجلس النواب، ومنهم رئيس هيئة الاستعلامات ونقيب الصحفيين الدكتور ضياء رشوان، والمهندس عبد الصادق الشوربجي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والأستاذ حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام ، والكاتب الصحفي كرم جبر رئيس المجلس الأعلى للإعلام ، ولم يتحدث معهم أحد في الازمة، وكذلك هم لم يتحدثوا مع أحد من قيادات المجلس في أمركم ومحنتكم المستمرة .
الكل تخلى عنكم، ولم نسمع صوتاً يدافع عنكم، وكأن ما حدث لكم أمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد، أو ربما ما حدث لكم هو أمر متفق عليه؟؟!!!!!
مر ما يقرب من شهر على منع زملائي المحررين البرلمانيين من دخول مجلس النواب. الذي هو طبقاً للدستور «بيت الشعب»، ولم يطف على السطح ما ينذر بأي انفراجه، السواد يشتد، السقف يهبط أكثر فأكثر. والغضب يزداد ويزداد بين زملائي المحررين البرلمانين الذين يتواصلون معي يومياً.
أمراً غريب ما يحدث لزملائي المحررين البرلمانيين من شيوخ وشباب المهنة. وكأنهم ينطبق عليهم التراث المصري القديم «خيل الحكومة»، عليهم البحث عن «شغلانة تانية.. سواق توتك توك، فتح كوفي شوب في إمبابة، أو محل موبيلات في فيصل، أو عربية بصارة ومسقعة في الزمالك».
أقول إن التاريخ لن يرحم من ينقض على الصحافة، أو المتربصين بها. أومن يظهر عدائه لها ، أو من يحولها الى نوعاً من الاطلال، أقول الصحافة باقية. والتاريخ يسجل من هم الزعماء ، ومن هم الرعاع ، ومن هم المدافعون عن حرية الصحافة. ومن هم المتخاذلون عن حماية تلك المهنة المقدسة ، التاريخ لن يرحم ، وإن الذكرى تنفع المؤمنين