لا يمكن تقييم مدى ما حققته الدولة المصرية من نجاحات خلال السنوات القليلة الماضية. دون رصد موضوعي ودقيق لحقيقة منجزاتها على الساحة الدولية. وهو بالتأكيد امتداد طبيعي للحركة في الداخل. وانعكاس للواقع الجديد الذي تعيشه مصر منذ ثورة الثلاثين من يونيو وحتى الآن.
ففي العلاقات الدولية لا دائم إلا المصالح المشتركة. والمنافع المتبادلة. وإذ تتغير المصالح. تتبدل العلاقات، وتتأرجح بين التوتر والتحالف. وترتكز السياسات والعلاقات الدولية وفق أيديولوجيات لا تعرف فوق المصلحة قيمة، ولا تعترف إلا بالقوة سبيلاً.. وما كان للدولة المصرية أن تنخرط في المجتمع الدولي، وتحدث عملية التوازن الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، إلا وفق قدراتها الحديثة التي قامت على أسس قوية وسليمة وهو ما أدي إلى متغيرات كثيرة تحدث الآن في المحيط الإقليمي.
فلا شك أن مصر حققت نجاحاً كبيراً في القضية الليبية. وتمكنت من خلال أدواتها السياسية. وقدراتها العسكرية من فرض التوازن الاستراتيجي على الأرض الليبية. وحماية ليبيا من التمزق والتقسيم إلى دولتين أو ثلاث. بعد أن وضع الرئيس عبد الفتاح السيسي خطاً أحمر أمام جماعات الإرهاب والمرتزقة ومن يقف خلفهم ويدعمهم. ولم تكن رسالة مصر القوية وتحريك قواتها إلى حدود ليبيا، إلا تأكيداً وترسيخاً للشرعية في ليبيا والحفاظ على وحدة أراضيها، وهو ما دفع كل الفرقاء للعودة إلى طاولة المفاوضات والرضوخ إلى الحل السلمي، وتكللت هذه الجهود بالنجاح، واختيار حكومة وطنية موحدة نالت ثقة البرلمان الليبي، وأدى عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة اليمين الدستورية أمام البرلمان في طبرق تأكيداً على شرعية الشعب الليبي على أرضه وأصبحت ليبيا موحدة بعد أن كانت على حافة التقسيم.
وبنفس القدر من اليقظة كانت مصر حاضرة وبقوة في منطقة شرق المتوسط، واستطاعت حماية مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية بعد أن قامت بترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان، وفرضت مصر سيطرتها على مياهها الإقليمية وأمنها القومي.
ومن المؤكد أن عمليات التحديث والتسليح للمؤسسة المصرية العسكرية. جعلتها قوة إقليمية أحدثت تشكيلاً جديداً لتوازنات القوى في المنطقة. وفرضت التوازن الاستراتيجي باحترافية شديدة. وأكدت ورسخت الشعبية الجارفة التي تتمتع بها المؤسسة العسكرية لدى جميع المصريين باعتبارها حائط الصد الأول للمشكلات والأزمات التي تواجه الوطن، وهو أمر من المؤكد يمثل أحد أهم عناصر القوة الشاملة للدولة المصرية، ويمكن الدبلوماسية المصرية العريقة من تحقيق أهدافها على المستويين الإقليمي والدولي.. ويرسخ للموقف المصري تجاه كافة القضايا، وليس أدل على ذلك من المتغيرات التي تحدث الآن في ملف العلاقات المصرية التركية التي شهدت قبل سنوات قطع العلاقات الدبلوماسية، وتوترات شديدة بسبب تبنى تركيا لجماعة الإخوان الإرهابية، إضافة إلى المغامرات التركية في عدد من دول الجوار، بهدف زعزعة الاستقرار في مصر، وانتهت جميعها إلى الفشل.
وعادت تركيا الآن تبحث عن استعادة العلاقات مع مصر، واتخذت حزمة من الإجراءات تجاه العناصر الإخوانية المقيمة على أراضيها، ووقف النشاط الإعلامي العدائي الموجه ضد مصر وأيضاً التحويلات المالية وغيرها من القضايا التي تتحفظ مصر عليها. وهو أمر يؤكد قوة وصحة الموقف المصري تجاه كل القضايا الوطنية التي تشكل تهديداً لمصر وأمنها القومي، وعلى رأسها بالتأكيد قضية سد النهضة الذي تتحرك فيه مصر والسودان الآن بكل قوة واتزان سواء على المستوى الإفريقي أو الدولي، ومن خلال بدائل كثيرة تمتلكها الدبلوماسية المصرية والدولة المصرية بكل مكوناتها.
حمى الله مصر من كل سوء
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية