القرار الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بإلغاء حالة الطوارئ بجميع أنحاء البلاد لأول مرة منذ سنوات هو قرار تاريخي يعنى شيئًا مهمًا.. وهو أن مصر اليوم أصبحت في حالة كاملة من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي.
سألني أحد الأصدقاء.. هل هذه رسالة للخارج؟ قلت له: هذه رسالة للداخل بأن الشعب المصري الذي تحمل صعاب المرحلة الماضية من مواجهة مع الإرهاب، وعدم الاستقرار الأمني حتى عام 2018 حصل الآن على نتاج مساندته لجيشه وشرطته في مواجهة القتلة.
القرار يعني أن مصر اليوم وصلت إلى مرحلة السيطرة الكاملة على منابع تمويل وتجنيد وتشغيل التنظيمات الإرهابية، بعد عدة سنوات من المواجهات المباشرة، مع هذه التنظيمات سواء في سيناء أو المناطق الحدودية التي كانت تعاني من سطوة هذه الجماعات عليها. ولكن الملاحظ أن السنوات الثلاث الماضية شهدت سيطرة كاملة من الجيش والشرطة، وظهرت قدرة الدولة على إدارة المناطق التي كانت تعاني من سيطرة الإرهاب عليها، بدرجة مدهشة بعد سنوات قضيناها في حرب شرسة دفعنا فيها أرواح شهداء بررة من خيرة شبابنا حفاظًا على وحدة التراب الوطني الذي أرادت القوى الظلامية تحويله إلى بؤرة لهدم الدولة المصرية، ونقطة انطلاق إلى باقي المنطقة لتحويلها إلى بلدان تتصارع وتتقاتل من أجل تنفيذ مخطط رفع رايات الإرهاب -المتناحرة أصلًا – لتتحول باقي شعوب المنطقة إلى لاجئين.
لحظة إلغاء حالة الطوارئ.. هي اللحظة التي يجب أن تتذكر فيها سخرية القتلة في برامجهم التحريضية. من كل من قال «الحمد لله أننا لم نلق مصير سوريا وليبيا والعراق واليمن». فأرادوا تصوير الدمار الذي قاموا بتنفيذه هناك وكأنه الجنة التي يجب بلوغها على أشلاء الأبرياء.. والآن نقول لهم مرة أخرى.. ومرات مرات.. «الحمد لله أننا لم نلق مصير سوريا وليبيا والعراق واليمن» بفضل حفاظ الجيش على الشعب وحفاظ الشعب على جيشه.
إلغاء حالة الطوارئ هي رسالة للشعب المصري بأنه الآن أصبح في أمن وأمان واستقرار كامل.. فمصر التي تمكنت خلال العامين الماضيين وفي ظل جائحة كورونا من توفير جميع احتياجات الشعب من غذاء ودواء ومواصلات وطرق واسكان، أصبحت مؤهلة الآن للعيش في ظل حالة طبيعية لا استثنائية.
ومصر التي تجاوزت التضخم الاقتصادي الذي أصاب دول العالم نتيجة الجائحة. تستطيع الآن تنفيذ خطط التنمية بكل ثبات، وتستطيع أن تهتم بالقطاع السياحي، واستقبال الضيوف دون قلق.. وبدون حالة طوارئ.
الوصول إلى مرحلة إلغاء حالة الطوارئ هو نتاج طبيعي لتعاون الشعب مع الجيش والشرطة خلال ثماني سنوات مؤلمة من مواجهة الإرهاب، فالشعب الذي خرج يوم 30 يونيو 2013 مطالبًا بخروج الجماعة راعية الإرهاب من السلطة، وجد الجيش المصري يسانده مستجيبًا لطلباته يوم 3 يوليو 2013 لتدفع القوات المسلحة والشرطة ثمن الدفاع عن الشعب، وكان الثمن هو دماء أبناء الجيش والشرطة وأبناء الشعب حتى تتمكن الدولة من إعادة بناء جدرانها، وترميم مؤسساتها، لنصبح قادرين الآن على بناء جمهورية جديدة متواكبة مع عصر لا يعترف إلا بالعلم والمعرفة، ولا يحترم إلا الأوطان القوية التي تتمتع بالاستقرارـ
ولذلك كانت رسالة الغاء حالة الطوارىء سريعة وموجهة للشعب المصري بأنه يستطيع الآن بناء مستقبله بلا خوف. ورسالة لمن يتابعون مسيرة بلادنا من الخارج بأننا قادمون إليهم كتفًا بكتف. ورأسًا برأس، لأن مصر الكبيرة بأبنائها تسير في اتجاه صحيح نحو بناء الدولة الوطنية الحديثة دون تردد. وبخطوات محسوبة، كما أنها لا تهتز من عرقلة هنا، أو صراخ هناك. واثقة الخطوة، ممسكة بأدواتها، مدركة لتوقيتات التنفيذ، ولكيفية اتخاذ القرار.
مصر القوية العفية المستقرة الممسكة ببوصلة حماية كل شبر في هذه الأرض لم تعد في حاجة إلى حالة الطوارئ.. مبرووك للشعب.. وكل الشكر للرئيس.
tarektohamy@alwafd.org
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية t – F