تابعت عن قرب ما شهدته محافظة أسوان في الأسبوع الماضي من سيول ورياح ضربت المحافظة.. رغم الاحتياطات التي قامت بها المحافظة إلا أن أضرارا وقعت على عشرات المنازل والأملاك العامة والسيارات والطرق، وهي حالة لم تحدث منذ عام 2010.
وما لفت أنظار العالم كله هو هجوم العقارب على أهلنا في أسوان وإصابة أعداد من المواطنين بلدغات العقارب، وقد لا يعرف الكثير أن العقارب موجودة في محافظات الصعيد من آلاف السنين وهي دائما تخرج لنا من جحورها في موسم الصيف مع اشتداد درجات الحرارة. وكانت هناك مجموعات تقوم بصيدها وسحب ذنبها وبيعه لمحلات تجميعه لبيعه لشركات الدواء لصناعة الأمصال منه.
وكانت موجودة في البيوت الطينية، ومع التقدم في البناء أصبحت العقارب تأتي إلى المنازل عبر الشارع. أو مثل الحالة التي حدثت في أسوان، خصوصا أن أغلب قرى أسوان. إما مبنية في حضن الجبال أو أعلى الجبال، وكان المهم هو توافر الأمصال لعلاج لسعة العقرب، وهو ما تم.
ولكن ما لفت نظري في هذه الأزمة هو نشاط محافظ أسوان اللواء أشرف عطية. وما تابعته من تحركه فور وقوع الأحداث عندما أدار غرفة العمليات وزياراته التفقدية إلى المناطق المنكوبة. وشهدته يصعد سلما خشبيا ومرة يجلس القرفصاء ليستمع لأحد الضحايا وكانت حركته سريعة وتواجد وسط المنكوبين وزارهم في منازلهم.
أنا شخصيا لم التقِ به لكن أحاديث أهالينا من المنكوبين عنه وتواجده وسطهم خفف عنهم أثر الكارثة التي ألمت بهم. وقيامه على الفور بالتنسيق بين المؤسسات التي بادرت بتقديم المساعدات للمنكوبين جعل كل متضرر يتسلم احتياجاته.
واستدعاء مؤسسات المجتمع المدني التي تحركت على الفور للعمل، لأنه من المعروف أن حركة المجتمع المدني في الكوارث أسرع من تحرك الحكومة للتخفيف من آثارها لعدم ارتباطه بالإجراءات الروتينية والتعقيدات الإدارية الطبيعية في تدابير الحكومة، وهو الأمر الذي يحدث في كل دول العالم، فالمجتمع المدني هو ذراع تنموية قوية للدولة.
فالدور الذي لعبه المحافظ ومعاونوه في متابعة إعادة الأمور إلى طبيعتها، ومتابعته على مدار الساعة لمحطات الكهرباء والمياه ورصف الطرق المتضررة، جعل الأمور تعود سريعا إلى ما كانت عليه وهو نموذج لجميع المحافظين في مصر بالخروج من قوقعة المكاتب والبعد عن الشوارع والأحياء الراقية والنزول إلى الشوارع الخلفية والأزقة والحواري والقرى.
وهناك محافظون لم يعرفوا حدود محافظاتهم إلا بعد أن أرغمهم مشروع تطوير الريف المصري «حياة كريمة» على النزول إلى القرى والنجوع، لمتابعة ما يتم على الأرض، ولولا هذه المبادرة الرئاسية لكانت انتهت مدة توليهم المنصب ولم يزرها.
فمدينة ومحافظة أسوان لها مكانة خاصة في قلوب أهل الصعيد، فأهلها رمز للطيبة ورمز للكرم، وما مر بهم هو محنة عدت بخيرها وشرها، ونتمنى ألا تتكرر وأن نتخذ كل الإجراءات الكفيلة بمنعها، خاصة مع التغيرات المناخية التي يشهدها العالم التي حولت الطقس خارج التوقعات، فلم تعد مصر كما كنا ندرس جوها «حار صيفا دافئ ممطر شتاء».
وأصبح طقسنا «سمك لبن تمر هندي». غريب علينا سيول وأمطار في الصعيد مع نزول البرد حتى جدول النوات الثابت من آلاف السنين أصبح مضطربا ومختلا. خصوصا أن لدينا نوات شمالية للبحر المتوسط ونوات شرقية البحر الأحمر. وأغرب تعليق سمعته قاله أحد الظرفاء. عندما قال «كنا ننتظر الشتاء يأتي لنا من الشمال فجاء لنا من الجنوب».
هي أمور يجب دارستها بجدية حتى نتلافى هذه الكوارث وإن حدثت تكون بأقل الخسائر. لأنه لا يستطيع أحد أن يمنع الكوارث الطبيعية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية t – F