لا شك أن مصر تسير بخطى ثابتة وقوية نحو تحقيق استراتيجيتها بالعودة إلى أفريقيا، وتعميق علاقاتها بدول القارة في شتى المجالات، وفى القلب منها العلاقات السياسية والاقتصادية.
بالأمس تولت مصر رئاسة منظمة الكوميسا، بعد غياب حوالى 20 عاماً، وهى إحدى أهم المنظمات الاقتصادية في القارة الأفريقية، والتي تضم السوق المشتركة لإحدى وعشرين دولة في الشرق والجنوب الأفريقي، ويبلغ تعداد سكانها حوالى 600 مليون نسمة يمثلون سوقا استهلاكيا ضخما، كما تشكل هذه الدول حوالى ثلثي مساحة القارة الأفريقية بما تملكه من موارد وثروات طبيعية هائلة لم يتم استغلالها بالشكل الأمثل حتى الآن.
وإذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أكد أن مصر سوف تعمل على تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي ووضع خارطة طريق لإزالة كافة المعوقات للوصول لتحقيق استراتيجية الكوميسا 2021-2025 والتي تهدف إلى تعميق الاندماج الاقتصادي، وتحقيق التنمية في دول التجمع بالتناغم مع اتفاقية منظمة التجارة الحرة للقارة الأفريقية، وقد أكدت مصر محاور أساسية لتغيير الواقع الاقتصادي لدول التجمع من خلال إزالة العوائق الجمركية وتعميق الإعفاءات الجمركية وإنشاء آلية لمراجعة السياسات التجارية الحالية بحيث تصبح مكونا أساسيا لمنطقة التجارة الحرة، كما أكدت مصر ضرورة تعزيز القدرات الصناعية لدول المنظمة من خلال عمليات التصنيع والتكامل المشترك للدول الأعضاء، خاصة أن دول الكوميسا تمتلك موارد وثروات هائلة.
كما تشمل الرؤية المصرية أهمية التكامل في البنية التحتية، خاصة أن مصر لديها خبرة كبيرة في هذا الجانب، وعلى رأسها الربط بين دول القارة من خلال طريق القاهرة – كيب تاون، الذى يربط شمال القارة بجنوبها، وأيضاً مشروع الربط الملاحي البحري الذى يبدأ من بحيرة فيكتوريا أحد منابع النيل وحتى البحر المتوسط في شمال القارة، وقد أكدت شيليشى كابويبوى سكرتير عام منظمة الكوميسا أن مصر قادرة على تحقيق أهداف واستراتيجية المنظمة بما تمثله من أهمية وثقل في القارة الأفريقية باعتبارها الدعامة الأولى للعمل الأفريقي المشترك، وإحدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية.
الحقيقة إن مصر الآن وبما حققته من إنجازات على أرضها، ومع انطلاق الجمهورية الجديدة، وتطلع معظم دول القارة للاستفادة من تجربة مصر الرائدة وخبرتها في مجالات عدة، وأيضاً رئاسة مصر لهذه المنظمة الآن، كلها عومل تجعل مصر أمام فرص واعدة في القارة السمراء، كما أنها تفتح آفاقا جديدة وكبيرة أمام الصادرات المصرية إلى دول القارة، وأيضاً الاستفادة من الموارد والثروات الطبيعية لدول القارة التي تشكل المادة الخام لكثير من الصناعات وتستفيد منها دول من خارج القارة سواء في آسيا أو أوروبا وأمريكا، كما تستطيع مصر من خلال شركاتها وخبرائها التوجه نحو دول المنظمة لنقل التجربة المصرية الرائدة في إنشاء البنية الأساسية سواء كانت مشروعات طرق أو كباري وأنفاق ومدارس ومستشفيات وغيرها من المشروعات التي تحتاجها دول المنظمة.
وإذا كانت مصر تستطيع تحقيق الكثير في الجانب الاقتصادي من خلال هذا التجمع، فإنها أيضاً في المقابل تحقق الكثير على المستوى السياسي والاجتماعي من خلال دعم مشروعات التنمية في هذه الدول وتقديم الخدمات الصحية والإنسانية بحيث تصبح مصر بديلاً لكثير من الدول سواء من خارج القارة أو داخلها وتستعيد دورها الرائد إقليمياً ودولياً.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية