ستظل تجربة الاتحاد الإماراتي درسا كبيرا في التاريخ السياسي.. فالشيخ زايد قاد أول اتحاد طوعي بين مجموعة من الإمارات أو بالأصح دويلات لتكوين كيان قوى سياسيا وعسكريا وماليا، وهو المنطلق الذي أقنع به كل حكام باقي الإمارات في الانضمام للوحدة وإن وحدتهم مصلحة قوية لشعوبهم يجب أن يتمسكوا بها.
وأعلن الاتحاد في وقت أراد المستعمر تفتيت المنطقة العربية إلى دويلات صغيرة متنافرة متحاربة. لكن حكمة 7 من القادة العرب وإعلاء مصلحة شعوبهم فوق كل اعتبار جعلت هذه الدولة حقيقة قائمة.
ووفقا للمعلومات استمرت فكرة إنشاء الاتحاد لمدّة 3 سنوات، بعد تولى الشيخ زايد حكم إمارة أبو ظبي بعامين وعُقد عدد من المؤتمرات في دبي من أجل مناقشة أُسس قيام الاتحاد، واجتمع شيوخ الإمارات من أجل وضع القوانين والدستور الخاص بالاتحاد، ومن التحديات التي واجهت قيام الاتحاد ضرورة السعي من أجل الحفاظ على سيادة الدولة، وتحقيق الاستقلال للمواطنين، والحرص على تأسيس علاقات جيدة مع المنظمات والبلاد الدولية في ظروف سياسية وعالمية صعبة وحالة ضعف عربي عام بعد نكسة 1967
وفى يوم 2 ديسمبر عام 1771 أعلن قيام دولة الإمارات الاتحادية برئاسة الشيخ زايد آل نهيان، بعد أن تم وضع الدستور والقوانين الأساسية، ليكون نقطة ضوء في نفق مظلم وقتها.
وكانت الروح الوحدوية هي التي تسود الشيخ زايد، فسارع إلى طرح فكرة مجلس التعاون الخليجي بعد استتباب الأمر للاتحاد الطوعي في هذه المنطقة انطلقت فكرة مجلس التعاون الخليجي والتي تحققت فيما بعد، وأصبح إحدى المؤسسات العربية المنتظمة في عملها وفي اجتماعاتها مهما كانت درجة الخلاف بين الدول الأعضاء.
فمن حق الشعب الإماراتي أن يفتخر بالشيخ زايد، ونحن في مصر لن ننسى له موقفه في حرب اكتوبر، عندما بادر إلى قطع البترول عن الغرب دون حساب للعواقب التي قد يجرها القرار على الدولة الوليدة.
وبعد 50 سنة على قيام الاتحاد الإماراتي تحققت نظرة الشيخ زايد البعيدة للأمور بأنّ الإمارات المتحدة قادرة على الازدهار والتطوّر، وها هي الآن أصبحت أكثر الدول في العالم ازدهارا من الناحية الاقتصادية، ودخلت حيز دول الرفاهية، كما أصبحت من الدول التي يكون الرضا الشعبي أساس عمل الحكومة المركزية وحكومات الولايات.
ومن المنصف أن نشير إلى شيوخ الإمارات الستة الباقين ومنهم الشيخ راشد بن مكتوم. الذي استضاف في إمارة دبي اجتماعات ومؤتمرات الاتحاد. وهو الذي حول إمارة دبي إلى واحد من أكبر المراكز الاقتصادية في العالم. وجعلها منارة لكل من يريد الاستثمار، فهو من وضع اللبنة الأولى في بناء دبي الحديثة. وأرسى ركيزة أساسية للمشاريع الكبيرة، والبنى التحتية والعمران والتجارة.
وهنا يجب أن نذكر الشيخ خالد القاسمي حاكم إمارة الشارقة. هذا الرجل العروبي الذي أورث أبنائه حب الوطن العربي ومصر. فقد عُرف عن الشيخ خالد بن محمد القاسمي، وطنيته وعروبته وتطلعه الدائم لتطوير الإمارة. وحرصه على قيام الاتحاد، وساند كل الجهود لقيامه.
بجانب رواد الاتحاد حاكم إمارة عجمان الشيخ راشد النعيمي الذي أسس إمارة حديثة بكل المعايير. وحرص على دعم اتحاد الدولة، وأطلق عددا كبيرا من المشروعات التي ساهمت في نهضة إمارة عجمان وتطورها.
وكان لشيخ أحمد بن راشد المعلا حاكم إمارة أم القيوين دور مهم في ترتيب أمور الاتحاد. مع الشيخ محمد بن حمد الشرقي حاكم إمارة الفجيرة. وانضمت إمارة رأس الخيمة بعد إعلان الاتحاد بأسبوع إليه بقيادة الشيخ صقر بن محمد القاسمي.
هؤلاء الآباء المؤسسون الذين حفروا اسمهم في التاريخ أصحاب أول اتحاد طوعي في القرن العشرين موجود حتى الاتحاد الأوربي الذي كان يعد نموذجا تصدع بخروج بريطانيا منه.
فتهنئة للشعب الإماراتي بوحدتهم وبما وصلت إليه بلادهم من تقدم وازدهار. وتهنئة بمرور 50 عاما على الاتحاد وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية