الصراع بين الحق والباطل ممتد منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة. وقد يعلو صوت الباطل على صوت الحق بعض الوقت، ولكن هذا الوضع لا يستمر أبدا. فقد فطر الله الإنسان علي حب الإيمان منذ خلقه. فهو إن قام بمعصية أو خالف الله. فهو يعلم بينه وبين نفسه أنه يعصي الله ويخالفه حتى وإن تكلم أو كتب غير ذلك.
المجتمع الإسلامي عموما يتعرض لهجمة منظمة مدروسة ممولة لتفكيكه من خلال تفكيك الأسرة بوسائل وطرق عديدة ومتنوعة، ولعل اتفاقية سيداو التي تتبني نشرها أمريكا وأوروبا. والتي تحمل كل الموبقات تحت شعار المساواة مثالا حيا لهذه الهجمة المدروسة والمنظمة والتي تصل في بعض الأحيان أن تجد نوابا في البرلمان يدافعون عنها ويضعون قوانينا لحمايتها كما أن لهم إعلاميون وبرامج فضائية ومواقع إلكترونية ووسائل تكنولوجية حديثة، تدافع عن تلك الحملات وتبرر لها تحت شعارات كثيرة، لعل أشهرها حاليا شعار الحرية الشخصية وشعار أن الله هو من سيحاسبه ولست أنت، وبالتالي فعليك أن ترى الفساد يستشري ولا تتكلم ولا تقاومه ولا ترفضه وإلا ستكون متهما بأنك تكره الحريات وأنك تدعي أنك توزع صكوك الغفران أو أنك تدعي أنك تمسك بمفاتيح الجنة والنار وهذه هي التهم الجاهزة حاليا لكل من يستنكر الإباحية والشذوذ والخلاعة ونشر العري والألفاظ القبيحة والفن الرديء.
هذه الحملة لها سنوات طويلة تعمل داخل مجتمعنا في مصر والعالم الإسلامي. ولها أنصارها وبعض هؤلاء الأنصار قد يصل الي منصب رفيع بالدولة. ولعل محاولة الدكتور حسين كامل بهاء الدين منع الحجاب من المدارس الابتدائية سنة ١٩٩٤ تحت شعار المساواة بين الأطفال. وكان من المفترض إن تمت هذه المرحلة دون مقاومة من المجتمع لها أن تمتد لبقية سنوات الدراسة. ولكن حالة الرفض العارمة للقرار جعلت تطبيق القرار من المستحيلات. كما أن قرار اعتبار مادة التربية الدينية غير مضافة للمجموع بالمدارس تحت شعار المساواة بين الطلبة ومحاربة الفتنة الطائفية كان قرارا ضرب أساس التوعية الدينية في الصميم وتخرج الملايين من التلاميذ والطلبة وهم لم يحصلوا على أقل القليل من فهم تعاليم وأسس الرحمة والتكافل الديني مما سهل من مأمورية جماعات الإسلام المتطرف المحظورة في ضم الآلاف بل والملايين المؤمنين بها لأن هذا القرار جعل الدين حكرا عليهم فقط وعلى كل من ينشر التطرف تحت عباءة الدين.
ورغم أن مصر بلد الأزهر راية الدين الوسطي إلا أن الأزهر حاليا لا يستطيع أن يؤدي دوره إلا من خلال معاهده وجامعاته فقط بل ويجد من يهاجمه ويحاول هدمه حتى لا يكون له أي دور في المجتمع وهم بذلك يدعمون سيطرة التطرف الديني الذي سيجد أرضا خصبة عبارة عن ملايين من الأطفال والشباب خرجوا للحياة لا يعلمون عن دينهم ووسطيته إلا أقل القليل ويستطيع أي دارس وليس عالما أن يقوم بتوجيههم والسيطرة عليهم ونشر ما يريد من أفكار. وبالطبع يستطيع تكوين جماعات تصل في بعض الأحيان هذه الجماعات الي حمل السلاح و تكفير المجتمع كله. وهم يظنون أنهم علي حق وأنهم يحاربون في سبيل نشر الدين حتي لو دمروا المجتمع كله. ولو اقترحت الآن أن يعود للدولة حقها في احترام مادة التربية الدينية الصحيحة ورجوعها كمادة أساسية في مناهج التعليم. فستجد حملة ضخمة ممنهجة تتهمك بأنك تريد العودة للوراء وأنك تريد نشر التطرف الديني. وأنا عن نفسي أدعو كل من له قرار في مصر أن يدرس مزايا قرار عودة الاحترام لمادتي اللغة العربية والدينية لأولادنا في المدارس. لما لها من أثر كبير في وضع أسس ودعائم الدين الصحيح عن طريق الدولة. و تنزع من الجماعات المتطرفة سلاحها الذي تستخدمه ضد المجتمع بأنها هي من يحمل لواء الدين. وهي من تنشره و تدافع عنه .
أوجه الدعوة لمؤسسات الدولة وعلى رأسها البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ ومراكز الأبحاث والأزهر الشريف.وذلك لبذل الجهود لعودة حصة الدين إلي وضعها الطبيعي كمادة أساسية لتحصين المجتمع من التفكك. وليعلم الجميع أن كل الشرائع السماوية حضت على قيمة الأسرة. ووضعت سياجا لحمايتها. لأنها عماد المجتمع والتي يخرج منها الضابط والجندي والطبيب والمهندس والمعلم وكافة أطياف المجتمع الذين يحتاجون للحد الأدنى من الأسس والوعي الديني الصحيح.. اللهم بلغت اللهم فاشهد .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية