قرار المجلس الأعلى للإعلام بإحالة فريق برنامج في إحدى القنوات الفضائية للتحقيق ووقف البرنامج لقيامهم بفبركة محادثة هاتفية مع طبيب القلب العالمي الدكتور مجدي يعقوب قرار جيد.. ولكنه لن يكون نهاية ظاهرة حذرنا منها منذ سنوات.
هذه الظاهرة تشهدها الفضائيات المصرية والعربية وهي ظاهرة «شراء الهواء».. أي شخص معه 10 آلاف جنيه يمكن أن يكون مذيعا في قناة فضائية يقدم برنامجا ويثير الجدل. يطرح قضايا جدلية أو يفبرك تقارير أو ينشر شائعات.
هذه الظاهرة امتدت من القنوات الصغيرة إلى قنوات كبيرة وعريقة ويستغلها من يريد تمرير أدوية معينة أو يخدع الناس بإقناعهم بأنه خبير أو متخصص في قضية معينة أو من يريد أن يكون له دور سياسي أو من يريد ابتزاز الأخرين أو يفبرك حتى امتدت إلى فبركة اتصالات هاتفية لشخصيات دولية مثل الدكتور مجدي يعقوب.
فالمجلس الأعلى للإعلام مطالب بالتدخل بصفته هو الهيئة الضابطة للإعلام المصري. أن تتحرك لوقف هذه الظاهرة فالذين يشترون الهواء يسيئون للإعلام وفي النهاية تكون الإهانة شاملة. لكل العاملين في الإعلام من الزملاء والأصدقاء والإعلاميين الجادين المحترفين بجد.
الآن أصبح كل من هب ودب إعلاميا وفكرتني هذه الظاهرة بظاهرة الصحافة القبرصية التي انتشرت في مصر في منتصف الثمانينات والتسعينات وكانت الحكومة تسمح بها من قبيل استخدامها في الهجوم على الصحافة الجادة وقتها وخاصة المعارضة لها وكانت الوزارات تعدم هذه الصحف بأن تخصص لها كوتة من الإعلانات الخاصة بها حتى تكون خنجرا في ظهر الصحافة القومية والمعارضة على السواء وكانت الكارثة بأن إحدى هذه الصحف فبركت حديثا مع الرئيس مبارك وأخرى أثارت فتنة طائفية في مصر كلها وتم استخدامها في تمرير القانون رقم 93 لسنة 1995 والمعروف وقتها بقانون اغتيال حرية الصحافة ولولا وقفة الجمعية العمومية للنقابة وصدور القانون رقم 96 إلى 1996 الذي فتح الباب أمام إصدار الصحف ومع ظهور الصحف الخاصة الجادة توارت ظاهرة الصحف القبرصية واختفت تماما مع انهيار الصحافة الورقية ولجوء الجميع إلى الصحافة التليفزيونية.
فقضية شراء الهواء تحتاج إلى وقفة أما تنظيمها أو وقفها وتنظيمها يحتاج إلى الزام القنوات التي تبيع الهواء بمعايير محددة لمن ستبيع لهم مثل أن يكون المشترى له خبرة إعلامية ولديه ترخيص مزاولة المهنة من نقابة الإعلاميين أو تمنع هذه الظاهرة تماما فمن يرد أن يكون لديه قناة فضائية عليه أن يكون قادرا على تكاليفها وأن يقوم المجلس الأعلى للإعلام بإعادة النظر في اقتصار توفيق الأوضاع على المواقع الإلكترونية ومدها إلى القنوات الفضائية، ويطلب من ملاكها القيام بتوفيق أوضاعها وفق قانون المجلس الأعلى للإعلام لأن هذه الظاهرة سوف تؤدى إلى كوارث أخرى خاصة أن البرامج التي تبيع الوهم والإعلانات تملأ هذه القنوات ومنها الأدوية التي تشفى كل الأمراض وهي قضية تمس الصحة العامة للمجتمع التي يجب أن يحميها المجلس مع الجهات المعنية خاصة أن أغلب هذه الأدوية تدعى أنها حاصلة على ترخيص وزارة الصحة ولا يوجد لها رقم حقيقي.
هذه الظاهرة تحتاج موقفا جادا من المجلس الأعلى للإعلام ونقابتي الصحفيين والإعلاميين. وأن يقودوا حوارا حولها والبحث عن السبيل لوقفها دون المساس باقتصاديات القنوات الصغيرة. والبحث عن آليات دعمها حتى تنتهي تماما وأن يقتصر العمل في الإعلام على المحترفين. ومن يملكون ترخيص مزاولة المهنة من الهيئات المانحة وهي النقابات.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية