سيناء ارتوت أرضها بدماء الشهداء.. وراح في سبيلها الأبطال، وانفطرت القلوب لأجل ترابها، ومع قوة الإرادة والعزيمة ومع تعظيم قيمة الانتماء. ومع الأبطال الذين وهبوا أنفسهم للدفاع عن ترابها، ومع الدبلوماسية التي خاضت معارك التفاوض ومع ارتباط قراري الحرب والسلام لاحت رايات النصر في سمائها لتصبح سيناء درة التاج المصري.
فسيناء أرض المحبة، أرض السلام، أرض الأمن والأمان، أرض التنمية، أرض الازدهار فكما كان قرار الحرب والسلام خطوة أساسية لاستراد سيناء الحبيبة كان قرار التنمية والتعمير خطوة رئيسية لتحقيق الازدهار.
فملف تنمية وتعمير سيناء الحبيبة كان ومازال على رأس أولويات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، إيماناً من سيادته بمكانتها الدينية وكذلك أهميتها الاستراتيجية وعرفانا بجهود أبنائها على مر الزمان. بالإضافة إلى مواصلة جهود الدولة المصرية الحثيثة لتنفيذ عدة مشروعات متكاملة لتنمية وتعمير سيناء في كافة القطاعات والمجالات المختلفة، مع توجيهات مستمرة من القيادة السياسية بسرعة الانتهاء من تلك المشروعات والمتابعة المتواصلة للموقف التنفيذي لهذا الملف الحيوي.
وعندما نتحدث عن ملف تنمية سيناء لا تستطيع الكلمات وصفها والتعبير عنها، ليصبح المشهد الحقيقي خير شاهد على حجم العمل والجد وحجم الإنجاز الذي تم، فمن افتتاح نفق الشهيد أحمد حمدي 2، والذي يعد شريانًا جديدًا لربط القاهرة ومحافظات القناة أسفل المجرى الملاحي لقناة السويس، إلى المشروعات التنموية الأخرى، ووصولا بأيقونة السلام في أرض السلام، حتى أننا لا نكاد نغفو ونصبح حتى نرى الرمال الصفراء تحولت إلى بقعة خضراء من المحاصيل الزراعية. لا نكاد نغفو ونصبح حتى نرى العشوائيات تحولت إلى مساكن حضارية تليق بحياة كريمة للمصريين، لا نكاد نغفو ونصبح حتى نحصد ثمار الجهد والتعب من أبطال مصر العظماء في ربوع مصر المحروسة ولاسيما سيناء الحبيبة
ونحن الآن نحتفل سويا بالذكري الأربعين لتحرير سيناء الغالية، سيناء الآمنة، سيناء التنمية. نستعرض كلمة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة عيد تحرير سيناء 25 أبريل.
تلك الكلمة الجامعة الشاملة التي وصفت أدق التفاصيل وأجازت سنوات من التعب والجهد والتضحية حيث بدء سيادته «بسم الله الرحمن الرحيم، شعب مصر العظيم أيها الشعب الأبي الكريم» تلك اللغة التي دشنها الرئيس بينه وبين شعبه، تلك التناغم الروحي بين الأب وأبنائه، تلك الصفات التي عبر الرئيس فيها عن شعبه «العظيم.. الأبي.. الكريم» كانت ولازالت أحد أهم قيم المجتمع المصري.
واستكمل سيادته «أتحدث إليكم اليوم في الذكرى الأربعين لتحرير سيناء الحبيبة. تلك البقعة الغالية من أرض الوطن التي يحمل لها المصريون جميعاً في قلوبهم تقديراً لا حدود له. وينظرون إليها على أنها درة التاج المصري ومصدر فخر وشرف هذه الأمة باعتبارها الأرض الوحيدة التي تجلت عليها الذات الإلهية. وهي البقعة التي اختارها المولى سبحانه وتعالى لنزول أولى رسالاته السماوية. فمكانتها الدينية والتاريخية لا ينازعها فيها أحد وموقعها الجغرافي الفريد هو ما لفت إليها الأنظار عبر العصور المختلفة. فهي ملتقى قارات العالم القديم وحلقة الوصل بين الشرق والغرب». كلمات كانت بمثابة درسا نتعلمه ونتدارسه، كلمات وصفت وصف دقيق لسر مكانة سيناء الحبيبة داخل قلوبنا، كلمات كانت بمثابة تاريخ يكتب ليتوارثها الاجيال ويتحاكى بها الجميع.
واستكمل سيادته «شعب مصر العظيم، إن يوم الخامس والعشرين من إبريل سيظل يوماً خالداً في ذاكرة أمتنا تجسدت فيه قوة الإرادة وصلابة العزيمة أكدتها أجيال أدركت قيمة الانتماء لوطنها فوهبت أنفسها للدفاع عن ترابه تلوح عالياً برايات النصر في سماء العزة والكرامة الوطنية» فكانت تلك الكلمات الملهمة كاللهيب لإشعال طاقة العمل والجد من جديد، كلمات ملهمة لتعزيز قوة الإرادة وتمكين قيمة الانتماء من جديد، كلمات ملهمة تعلى من قيمة الفداء من أجل الحفاظ وتعمير هذا الوطن العظيم.
وكعادة الرئيس تقديم التحية والتقدير عرفانا من سيادته بجهود الأبطال فقد قدم سيادته التحية من خلال كلمته قائلا «فتحيةً إلى كل من ساهم في سبيل استعادة هذه الأرض المقدسة و عودتها مرة أخرى إلى أحضان الوطن الأم مصر، تحيةً إلى شهداء مصر الخالدين في ذاكرتها الذين جادوا بالروح والدم من أجل بقاء الوطن حراً أبياً، وتحيةً إلى رجال الدبلوماسية المصرية الذين خاضوا معركة التفاوض بكل صبر وجلد لاستعادة الأرض الحبيبة، و تحيةً إلى روح الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي اتخذ قراري الحرب والسلام بشجاعة الفرسان و برؤية القائد الذي يتطلع لتوفير المناخ الآمن و تحقيق الاستقرار لشعبه و كافة الشعوب المحبة للسلام إلى أن استعدنا أرضنا كاملة، لنبدأ بعدها مرحلة جديدة في تعمير سيناء الغالية ليكون ذلك بمثابة خط الدفاع الأول عنها ولعلكم تلمسون حجم المشروعات التي تنتشر فوق ربوعها والتي تهدف إلى تنميتها والاستفادة من خيراتها وتحقيق الرفاهية لأهالي سيناء الحبيبة».
لم تكن كلمات وحسب، ولكن سبقتها أفعال على أرض الواقع، سبقتها افتتاح لإنجازات تمت. سبقتها أيام وليالي من التفكير والتخطيط والتنفيذ حتى لاحت في الأفق ثمار التنمية. فلم يقل قرار التنمية أهمية عن قراري الحرب والسلام. ولم يكن قرار التنمية بمعزل عن قرار محاربة الإرهاب. فكلاهما كانا متلازمين لتحقيق الإبهار والإنجاز والمستحيل على أرض مصر المحروسة بصفة عامة وأرض سيناء الحبيبة بصفة خاصة.
كما أضاف سيادته «أنه في ظل أوضاع إقليمية ودولية بالغة التعقيد يأتي تعظيم قدرات القوى الشاملة للدولة على رأس أولويات الدولة المصرية التي استشرفت آفاق المستقبل برؤية عميقة للأحداث و نظرة ثاقبة للمتغيرات و التطورات الدولية فثبت لها يقيناً أنه من أراد السلام فعليه بامتلاك القوة اللازمة القادرة على الحفاظ عليه ومن هنا فإني أتوجه بالتحية والتقدير إلى رجال جيش مصر المرابطين على كل شبر من أرض الوطن والذين يستيقظون كل صباح على تجديد عهد الولاء لله و الوطن متأهبين دوماً للدفاع عن أمة وضعت ثقتها المطلقة فيهم وفي قدرتهم على الحفاظ عليها وبقدر اهتمامنا بقدرتنا العسكرية نمضي أيضا على خطوط متوازية نحو الارتقاء بباقي القدرات الشاملة للدولة والتي من أهمها القدرة الاقتصادية حيث نطمح لتأسيس اقتصاد وطني قوي يكون قادراً على التصدي لمختلف الأزمات لنحقق من خلاله معدلات نمو مرتفعة تستطيع توفير العديد من فرص العمل لشبابنا الطامح الساعي لتحقيق ذاته ورسم طريق مستقبله» حروف رسمت استراتيجية البناء والتعمير، حروف عبرت عن ثقل وحجم التحديات التي نواجها، حروف شهدت نتائج تلك العقيدة الراسخة في عقول أبطال مصر العظماء، حروف اسردت الماضي وعبرت عن الحاضر ورسمت المستقبل المشرق لنا ولمصرنا الحبيبة.
وهنأ سيادته جموع المصريين بمناسبة تزامن الأعياد في تلك الفترة، فالاحتفال بأعياد تحرير سيناء يتواكب مع مرور خمسين عاماً هجرياً على انتصار العاشر من رمضان كما يأتي متزامنا أيضاً مع عيد القيامة المجيد. كما يأتي متواكبا أيضاً مع قرب نهاية شهر رمضان المعظم و حلول عيد الفطر المبارك.. تهنئة كانت بمثابة رسالة من القلب إلى القلب رسخت في الاذهان وعلقت في العقول وفاضت بطاقتها الايجابية على كل حياتنا.
وفي ذكري تحرير سيناء، أرض المحبة والسلام والتنمية والازدهار، أرض، تغنى بها العاشقين. وأرض راح من أجلها المرابطين، وأرض، غرد من فوقها الملايين، وأرض. سعي لنهضتها وتنميتها المصريين، وأرض، استشرف من أجلها الكثير والكثير.
نتوجه بالتحية والتقدير لرجال مصر الشرفاء، لتحيا سيناء الحبيبة، تحيا مصر دائما وأبدا.. تحيا الجمهورية الجديدة
عضو هيئة تدريس بعلوم القاهرة
Abdelfattahemanalaaeldin@gmail.com
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية