قبل عدة أيام احتفلت مصر بالعيد الحادي والسبعين للشرطة المصرية، التي تفاجئنا كل يوم بالجديد سواء على المستوى المهني والاحترافي الذي يضرب فيه رجال الشرطة أروع الأمثلة في البطولة والفداء، وأيضا على المستوى التقني والفني من خلال عمليات التحديث والتطوير التي تشهدها كل قطاعات وزارة الداخلية حتى أصبحت تضاهى مثيلتها العالمية في الدول المتقدمة.
ويظل يوم الخامس والعشرين من يناير شاهدًا على بسالة وبطولة ووطنية رجال الشرطة الذين واجهوا قوات الاحتلال البريطاني بأسلحتها الثقيلة، بكل بسالة وفداء وبأسلحتهم الخفيفة عام 1952، بعد أن أعلنت حكومة الوفد برئاسة مصطفى باشا النحاس يوم 8 أكتوبر عام 1951 إلغاء معاهدة 1936، واعتبار وجود القوات البريطانية في مدن القناة غير شرعي، ويتجلى معدن الشعب المصري الأصيل بالعمليات الفدائية التي قام بها المصريون ضد قوات الاحتلال وازدادت عمليات الكفاح الوطني ضد الإنجليز، وامتنع التجار عن امداد المعسكرات البريطانية بالسلع والمواد الغذائية وكل متطلبات الحياة.
أيقنت بريطانيا أن الشرطة المصرية تحمى الفدائيين المصريين وتساعدهم في أعمالهم البطولية، وقرر الجنرال الإنجليزي اكسهام محاصرة مبنى محافظة الإسماعيلية، وتوجيه انذار لقوات الشرطة المصرية بمغادرة المحافظة والتوجه إلى القاهرة بهدف تفريغ المدينة من الشرطة المصرية والاستفراد بالمدنيين، إلا أن القوة المصرية المكونة من 850 جنديا بقيادة الضابط مصطفى رفعت، رفضت الانذار وبعد اتصال هاتفي من وزير الداخلية فؤاد باشا سراج الدين بالضابط مصطفى رفعت قرر أبناء الشرطة البواسل الصمود والمواجهة بأسلحتهم الخفيفة ضد قوات الاحتلال المكونة من 7 آلاف جندي تدعمهم الدبابات والمدافع الثقيلة، ودارت معركة غير متكافئة لساعات طويلة، استشهد فيها خمسون بطلا مصريا، وكبدوا المحتل 13 قتيلا وعشرات الجرحى وهو ما دفع اللواء اكسهام وجنوده أن يقفوا لتأدية التحية لأبطال الشرطة المصرية البواسل الذين سجلوا ملحمة بطولية، وانتشرت أخبار المعركة في مصر كلها، وشعرت بريطانيا بخطورة موقفها في مواجهة حكومة الوفد الشعبية التي تدعم الفدائيين، وتعد بريطانيا العدة لحدث آخر في مساء هذا اليوم بالاتفاق مع جماعة الإخوان المسلمين لحريق القاهرة في اليوم التالي 26 يناير 1952، ويصدر الملك فاروق قرارًا بحل حكومة الوفد.
مؤكد أن بطولات رجال الشرطة لا تنقطع في كل أرجاء الوطن، نظرًا للمهام الصعبة الملقاة على عاتق هذا الجهاز في شتى مناحي الحياة، وأخطرها بالتأكيد قضايا الإرهاب التي هددت الوطن بالسقوط والانهيار قبل حوالي 12 عامًا، ودفع عدد كبير من أبناء هذا الجهاز حياتهم في مواجهة كل أشكال الإرهاب المنظم، ومازال يعاني عدد من أبطال الشرطة من إصاباتهم البالغة مثل البطل طارق عبد الوهاب الذي كرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي ومنحه ترقية استثنائية في لفته إنسانية نالت إعجاب كل المصريين.
وتبقى التحية واجبة لكل أبناء هذا الجهاز وعلى رأسهم محمود توفيق وزير الداخلية الذي استطاع في سنوات قليلة إحداث نقلة غير مسبوقة في هذا الجهاز على شتى المستويات، واستطاع مواجهة ودحر الإرهاب وفرض الاستقرار الأمني الذي ينعم به كل المصريين في شتى ربوع الوطن.
حمى الله مصر
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية