عندما يرتكب بلطجي جريمة فهذا لا يعد غريب، الغريب أن يرتكب جريمة ضابط، ضابط من المفترض أن تكون مهمته السهر على حماية الناس وليس قتلهم بطريقة وحشية وأمام العامة وكأنه لا يوجد قانون.
كلمة غريب لن تكفي لتصف فظاعة ما حدث للصيدلانية بسمة علي حسين، أو بالأحرى الأم التي سرقها هذا الضابط من حضن أبناءها وحكم عليهم بالحرمان من أمهم وإلى الأبد وبدون أي ذنب.
حيث أقدم الضابط الذي يبلغ من السن (28 عامًا)، وهو ضابط برتبة نقيب على دهس الصيدلانية بسمة علي وأسرتها عمدًا، وذلك بذريعة «خلافات الجيرة ولعب الأطفال» في تجمع «مدينتي» السكني في القاهرة.
حيث رصدت كاميرات المراقبة وسجلت الجريمة كاملة، وتم إرفاق مقاطع الفيديو في تحقيقات النيابة العسكرية.
وعندما تشاهد هذه الجريمة تستغرب وتكاد تجن من فظاعة المشهد وكأنك في فيلم رعب، حيث عمت الصدمة في المكان، لا أحد كان يتوقع ما يحدث، لأنه لم يكن طبيعي، شخص قاد سيارته ومن ثم أصبح يدوس الناس بدون رحمة حيث تسبب في مقتل بسمة علي (33 عامًا) على الفور، وتعرّض زوجها وطفلتها وطفليْها لإصابات خطرة، ونُقلوا على إثرها إلى أحد المستشفيات لإجراء العمليات الجراحية اللازمة
وتمثلت تفاصيل الجريمة عندما خدش ياسين، الطفل الأكبر لبسمة، سيارةً كانت تركن أمام منزل الضابط، أثناء لعبه. فأخبر والده بالأمر.
ذهب الزوج حمدان زكي (41 عامًا)، وهو طبيب بيطري، إلى فيلا الضابط للسؤال عن هوية صاحب السيارة.
تطورت الأحداث ونشبت مشادة كلامية بين الضابط وأسرة الضحية، ومن ثم، انصرفت أسرة بسمة علي، لكن الضابط طاردهم بسيارته، ثم صدم بسمة، وبعدها طارد زوجها، الذي تمكّن من الهرب من أحد الممرات مع استمرار الضابط بملاحقته، وقد اعترف بجريمته.
وقد أضاف بيان المتحدث العسكري عن حادث دهس صيدلانية مدينتي: «تم تحرير المحضر رقم (22 / 23) بتاريخ 1 / 7 / 2023 جنح عسكرية قسم شرطة التجمع الأول عن الواقعة، وتباشر النيابة العسكرية التحقيقات، وقُيدت بالقضية رقم ( 170 / 2023 ) «جنايات عسكرية» شرق القاهرة، وأسندت النيابة العسكرية للمتهم جرائم «القتل العمد والشروع فيه» وتقرر حبسه احتياطيًا على ذمة القضية وجار إحالته إلى المحكمة العسكرية للجنايات».
لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا شاب في مقتبل عمره يفعل بنفسه كل هذا والمؤلم أنه الابن الوحيد لعائلته، وضابط، لا أجد تفسير واحد لكل هذه الجرائم التي أصبحت تحدث.
هل لأن البشر لم تعد لديهم القدرة على تحمل بعضهم، هل لأن الرحمة قد اندثرت من القلوب، هل يستطيع إنسان بكل مداركه العقلية أن يؤذي امرأة لم تفعل له شيء ولم تؤذيه، هل يستطيع إنسان أن يصدم أطفال بسيارته بكل وحشية، لا أجد جواب واحد على كل هذه الأسئلة.
والآن قضية جديدة والمجرم هذه المرة ليس طبيب أسنان قتل زوجته أو طبيب عظام قتل صديقه أو مستشار قتل زوجته بل ضابط والسبب ليست خلافات أسرية أو تركة أو كل الأسباب التي تحدث من أجلها الجرائم بل هذه المرة سبب لا يخطر في بال إنسان، سبب أقل ما يقال عنه تافه وهو أن طفل صغير جدا قد خدش السيارة لكي يكون مصيره حرمانه من أمه، ليحكم عليه أن يكون يتيم طوال حياته.
لا أجد تفسير واحد، أتساءل هل هذه طرق جديدة للانتحار وهي شعار ارتكب جريمة كي تعدم وتنتهي حياتك على حبل المشنقة ولكي تصبح سفاح معروف حتى بعد موتك.
هل لهذه الدرجة الشباب قد أضاعوا كل معاني الحياة، ليست حياتهم هم فحسب بل حياة الناس معهم في الآن نفسه والغريب أنهم لا يعقلون أن الحياة ليست لعبة الحياة اختبار، والعبث بحياة الناس أبشع جريمة تقع على وجه الأرض، لأن من قتل نفس واحدة عند الله كأنه قتل الناس جميعا.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية