بقلم – علي الفاتح
دكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة، هو المعنى بـ«التروماى الأرجنتيني»، المفاعل النووى البحثى الثاني، فقبل أسابيع كتبت تحت عنوان «وزير الكهرباء آخر من يعلم» عن عدد من المخالفات ووقائع الفساد المالى والعلمى والفنى داخل هيئة الطاقة الذرية ووزارة الكهرباء والتى كشف جانب كبير منها عالم الذرة د. سامر مخيمر، وبسببها تعرض إلى الفصل التعسفى والتهديد بكل صوره.
وفى نهاية المطاف أنصفته المحكمة الإدارية العليا بإعادته إلى عمله، ووصفت وزير الكهرباء وقيادات الطاقة الذرية باستخدام القانون للتنكيل بالعالم الجليل، ولتحقيق أغراض بعيدة تمامًا عن الصالح العام.
وتصورت أن الدكتور شاكر سيفزع لتطهير وزارته من شبكة المنتفعين التى تضم تحالفًا بين البيروقراطية الفاسدة وعناصر الخلايا النائمة لجماعة الإخوان الإرهابية، والتى تسيطر على معظم مفاصل الوزارة، لاسيما وأن الوزير مقبل على مشروع الضبعة «حلم مصر النووي».
المفاجأة أن الوزير شاكر اكتفى بالإعراب عن حماسه ليسترد د. مخيمر مستحقاته المالية، بينما قيادات وزارته فى الطاقة الذرية بادروا باستدعاء عالم الذرة للتحقيق مرة أخرى، وكأنهم يساومونه على طريقة العصا والجزرة، ليكف عن فضح الفساد.
تفكيك تلك الشبكة ليس مستعصيًا على الوزير فلو صدقت نواياه يكفيه فقط أن يمد يده إلى أحد أدراج مكتبه ليجد ملفًا كاملًا أرسلته هيئة الرقابة الإدارية للوزير الأسبق حسن يونس، ويضم كل ما يتعلق بالمفاعل الأرجنتينى الذى تسلمه يونس غير مطابق للمواصفات، وأكذوبة إنتاجه للنظائر المشعة، علاوة على وقائع إهدار المال العام داخل هيئة الطاقة الذرية.
ولا أظن أن الوزير مطالب بأكثر من تحريك تلك الملفات والبلاغات فى مسارها القانونى الصحيح.
لا أدرى لماذا يصر وزير الكهرباء على إحاطة نفسه بعلامات الاستفهام، بل وبتهمة انتمائه للتنظيم الإرهابى التى لاحقته بها الصحف، بسبب تكرار استهداف محطات توليد الكهرباء.
هذا الإصرار من جانب الوزير شاكر يتجسد فى تمسكه بذات القيادات التى كانت شاهدًا على فساد حسن يونس، وزير الكهرباء الأسبق، وفى مقدمتهم المهندس حسن محمود، رئيس قطاع شئون المقر، والمسئول عن كافة النواحى الإدارية والمالية بديوان عام وزارة الكهرباء والطاقة، فبحكم منصبه الحالى ومناصبه السابقة التى ارتبط فيها بيونس، وترقى حتى أصبح وكيل أول الوزارة لشئون مكتب الوزير، بلغ إليه يقينًا كافة التقارير الرقابية والسيادية، والبلاغات المتعلقة بفساد الطاقة الذرية وفضيحة المفاعل الأرجنتينى، ومع ذلك صمت حسن محمود ولم يحرك ساكنًا، بل أنه شارك فى الإعداد لافتتاح مشروع مركز إنتاج النظائر المشعة بحضور الوزير محمد شاكر ورئيس الوزراء السابق، رغم علمه اليقينى بأن المركز مشروع وهمى ومن المستحيل أن ينتج نظائر مشعة بسبب العيوب الفنية الموجودة بالمفاعل الأرجنتينى والمعروف بالتروماي.
إلى ذلك كان محمود، الذى أضحت علامات الاستفهام الكبيرة تحيط به، وراء اختيار قيادات هيئة الطاقة الذرية فى زمن الجاسوس مرسى، وكان من نتيجة ذلك الاختيار تعيين ثلاثة من الخلايا النائمة للجماعة على رأس أهم مشروعات المفاعلات النووية المصرية، أحدهم لم يحصل على الدكتوراه ويعمل خطيبًا متجولًا بين المساجد، فى حين أن زميليه كانا يرفعان شعار رابعة الممقوت على حسابيهما الشخصيين أثناء فض بؤرتى الإرهاب فى رابعة والنهضة.
ليتجلى بوضوح تحالف البيروقراطية الفاسدة مع الجماعة الإرهابية، وكان اتهام الوزير بالانتماء إلى الجماعة أحد أصداء ذلك التحالف.
تستحيل الثقة فى وزير اختار الصامت عن الحق «حسن محمود» رئيسًا للجنة مكافحة الفساد، ولو صدقت نواياه أرسلنا إليه ملفًا بجميع البلاغات المقدمة للنائب العام مدعومة بالمستندات، وقد يكتفى بمذكرتين الأولى لـ«أبوالطاقة الذرية» د. عزت عبدالعزيز وقدمها مع ٣٠ عالم ذرة إلى الرئيس السابق حسنى مبارك، والثانية بـ٧٧ عالمًا ومهندسًا وفنيًا وقدمت للمجلس العسكرى والنيابة الإدارية عام ٢٠١٢.
ولو تقاعس الوزير تستطيع هيئة الرقابة الإدارية بما لديها من ملفات تقديم بلاغ وبشكل مباشر إلى النائب العام تجاوزًا لذلك الحصار الذى تفرضه البيروقراطية الفاسدة على وزير التروماى الأرجنتيني.