لا يستحق الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق هذا الوداع وهذه المراسم الظالمة.. هناك من يختلف مع الرجل – وأنا واحدا منهم- وهناك من يتفق معه.. لكن في النهاية هو من جلس على منصة مجلس الشعب أكثر من 19 عاما أخطأ فيها وأصاب.. لكن في النهايه لا نستطيع أن نعوضه سواء في الحاضر وربما في المستقبل البعيد.
تقابلت مع الدكتور سرور للمره الأولى في مناسبه خاصه وكان ذلك منذ ما يقرب من 20 عاما، وقتها تمكنت من تكوين فكرة عامة عنه من كونه حاد الذكاء.. دبلوماسي.. مجامل.. له حضور.. وصاحب شخصية قوية.. وفوق ذلك سياسي مخضرم.
بعدها كان يأتي إلى مجلس الوزراء في الأحداث الهامة يلتقى مع رئيس الوزراء «لطبخ القوانين» وكنت وقتها محررا لشئون مجلس الوزراء وأذكر أن من أصعب الزيارات تلك التي كانت تتعلق بإعداد مشروع قانون الصحافة الذي كان يهدف إلى وأد حرية الصحافة وتكميم أفواه الصحفيين الذي سقط فيما بعد.
والذي لا يعرفه الكثيرين أن الدكتور سرور لم يقف وراء هذا القانون ولم يكن متحمسا له.. ولكنه جاء بناءا على رغبة شخصية من الرئيس مبارك وتبناه أحد ترزية القوانين في ذلك الوقت وهو الدكتور محمد زكي أبو عامر.
لا أحد يستطيع أن يدافع عن الدكتور سرور في مسألة «طبخ» بعض القوانين والإعداد لها بليل.. حتى اتهامات الفساد التي لاحقته لا يستطيع أحد أن يخوض فيها خاصة أنه اليوم بين يدي الله.
لكن الذي لا جدال فيه أنه كان شخصية فذة وقوية وكان موهوبا في القانون والسياسة استطاع أن يدير المجلس ببراعة على مدار أكثر من 19 عاما استحق بعدها لقب لويس التاسع عشر. أدار المجلس وفيه كل ألوان الطيف السياسية.
من بينها قامات سياسية رفيعه وأسماء لها ثقلها من مختلف التيارات والاتجاهات والأحزاب ربما لا تتكرر مثلها مثل الدكتور سرور نفسه.. والغريب أن الجميع اتفقوا عليه واحترموه واحتفظوا بصداقات قوية معه.
لقد أحزنني أن يتصدر الدكتور سرور الترند عند وفاته ليس لكونه واحدا من أساطير القانون ولا لكونه رئيسا فريدا من نوعه للبرلمان ولكن بكذب وافتراء تحت عنوان «قانون سندس» حيث خاض رواد السوشيال ميديا وهرولوا خلف افتراءات على الرجل من كونه الشخص الذي وقف خلف إصدار قانون الخلع من أجل سكرتيرته «سندس» التي أرسلها إليه الدكتور بطرس غالي.
هذا افتراء على الرجل لأن الذي تبنى قانون الخلع هو الرئيس مبارك نفسه بناءا على ضغوط من حرمه السيدة سوزان مبارك ومعها فرخندة حسن والمجلس القومي للمرأه، وعندما اقتنع الرئيس مبارك بالقانون استدعى المستشار فتحي نجيب إلى منزله وكلفه بإعداد القانون ولم يكن الدكتور سرور على علم بمشروع القانون إلا بعد قيام المستشار فتحي نجيب بإعداده.
رحم الله الدكتور سرور وتجاوز عن سيئاته فقد كان قيمة وقامة ورمزا من رموز مصر في فترة سياسية شهدت حراكا غير مسبوق ربما كان على غرار فترة حكومات الوفد والأحزاب ما قبل 52.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية