شهدت سوريا خلال السنوات الأخيرة تطورات سياسية وعسكرية واقتصادية عميقة أثرت على حياة الملايين من مواطنيها، بما في ذلك أكثر من 6.8 مليون لاجئ فروا من البلاد بسبب الصراع الدائر منذ عام 2011.
ومع تزايد الدعوات الدولية والإقليمية لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، يثار التساؤل حول مدى جاهزية سوريا لاستقبالهم من جديد.
على الرغم من استعادة الحكومة السورية الانتقالية السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، إلا أن مناطق عديدة لا تزال تعاني من اضطرابات أمنية، خاصة في الشمال الغربي والشمال الشرقي حيث تسيطر أطراف مختلفة.
وجود قوات أجنبية ومجموعات مسلحة يعيق استقرار الأوضاع، مما يثير مخاوف اللاجئين من العودة إلى مناطق قد تكون غير آمنة.
من الناحية السياسية، لا تزال سوريا تفتقر إلى حل شامل يعالج جذور الصراع ويؤسس لنظام عادل ومستقر.
كما أن كثيرًا من اللاجئين يخشون التعرض للاعتقال أو الانتقام بسبب انتماءاتهم السياسية أو هروبهم من الخدمة العسكرية.
تعاني البنية التحتية في سوريا من دمار واسع النطاق، بما في ذلك المنازل والمدارس والمستشفيات.
إضافة إلى ذلك، تواجه البلاد أزمة اقتصادية خانقة جعلت تأمين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والوقود تحديًا يوميًا.
اللاجئون العائدون سيحتاجون إلى مساكن ووظائف وخدمات تعليمية وصحية، وهي متطلبات قد لا تكون متوفرة حاليًا في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.
عودة اللاجئين تتطلب بيئة اقتصادية قادرة على استيعابهم وتوفير فرص عمل لهم. ومع ارتفاع معدلات البطالة والفقر في سوريا، تبدو العودة غير ممكنة للعديد من العائلات التي تعتمد على المساعدات الدولية أو الأعمال في البلدان المستضيفة.
اجتماعيًا، يواجه العائدون تحديات في إعادة الاندماج، خاصة في المجتمعات التي تغيرت ديمغرافيتها خلال السنوات الماضية بسبب الصراع والنزوح الداخلي.
الدول المستضيفة للاجئين، مثل مصر ولبنان والأردن وتركيا، تعاني من أعباء اقتصادية واجتماعية متزايدة، ما يدفعها للضغط من أجل عودتهم. لكن هذه العودة تتطلب ضمانات دولية حقيقية تتعلق بالأمن وإعادة الإعمار، وهي أمور لا تزال غائبة عن المشهد السوري.
باختصار.. رغم الدعوات المتزايدة لعودة اللاجئين السوريين، لا يبدو أن الظروف داخل سوريا مهيأة بعد لاستقبالهم بشكل آمن وكريم.
يتطلب ذلك جهودًا دولية ومحلية مكثفة لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، إضافة إلى تقديم ضمانات حقيقية تحمي العائدين من أي انتهاكات.
عودة اللاجئين ليست مجرد خطوة إنسانية، بل هي اختبار حقيقي لقدرة المجتمع الدولي على المساهمة في إنهاء واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا في العصر الحديث.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية