درج على لسان العامة أن فلان ابن ناس وذلك كنية عن أنه ذو عزوة وأصل وفصل أو ابن عائلة غنية أو ذات حكم وتاريخ في المناصب العليا في الدولة.
والحقيقة أن هذا اللقب عبر التاريخ لم يكن يعني ذلك المعنى فهناك فرق كبير بين أولاد الناس وأولاد الأصول.. ففي العصر الأيوبي قرر نجم الدين أيوب تكوين فرق مسلحة فكان يشتري الغلمان من دول تركمستان والشيشان وأوزبكستان واليونان وكان ينسب الغلام إلى سيده أو إلى تاجر النخاسة مثل بيبرس البندكداري وقايتباي الصغير.
ونظرا لأن حكم المماليك كان قائما على الدسائس والمؤامرات فيقوم أحد أفراد الحاشية بالقضاء على رأس الدولة وتولى الحكم فكان أعوانه وحاميته يتعرضون للتشريد ويصبحون قطاع طرق حيث يتم استبدالهم بمماليك جدد.. إلى أن جاء الناصر محمد ابن قلاوون 1275.. إلى 1341 وهو بالمناسبة صاحب انجازات عظيمة في الدولة المصرية.
فقام بجمع المماليك في دور الرعاية ليكون منهم جيش احتياطي دون أن تكون لهم أحقية في تولي المناصب وسجلهم في بيت المال وصرف لهم رواتب تحت مسمى أولاد الناس وعندما زاد عددهم عجز بيت المال عن دفع رواتبهم فانطلقوا في الدولة يعيثون فسادا وقتلا إلى أن جاء قنصوة الغوري لحكم مصر وقام بعمل إحصاء لهم وجمعهم مرة أخرى ليحاربوا معه ومنحهم رواتب ومكافآت.
ثم أصبحت دور الرعاية تستقبل الأطفال مجهولي النسب ويسمونهم أولاد ناس.. لذلك كانت المكاتبات عادة ما تحمل اسم من فلان ابن فلان إلى الجد السادس أو العاشر وذلك إثباتا للأصول حتى من جاؤا إلى مصر من بلاد المغرب والحجاز من العرب والهوارة.. ودرج الناس على ذلك في عهد أقطاي واستمروا لتثبيت فكرة أبناء الأصول.
هكذا عندما نذكر أو نتذكر عراقة العائلات والنسب يجب أن نبحث عن أبناء الأصول.. مثل ما نقول في المثل العامي أن فلان له أصل وفصل.. وعندما تبحث عن عروس تبحث في الجذور عن بنات الأصول.
حتى في التراث الشعبي كان الفنان الأشهر في الموال المصري الراحل «محمد طه» يغني المذهب في مواويله قائلا «عالأصل دور» ودائما تثبت المواقف وموجات التاريخ المتتابعة أن أولاد الأصول سواء من الرعية أو من الحكام يثبتون أنهم عند حسن الظن فلا ضيم ولا فجور.. فياسعده من كانت حياته مليئة بولاد الأصول.
أما ولاد الناس فذلك أمر شرحه يطول وأنا الليلة مشغول «كما قال الفيلسوف» في أحد أشهر برامج إذاعة صوت العرب، عندما كان يريد أن يتهرب من إجابة أي سؤال، وإن كان التعميم في كل الأحوال لا يجوز فلكل قاعدة شواذ.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية