في لحظة تاريخية مفصلية، تتجه أنظار العالم إلى القاهرة غدًا، حيث تنعقد القمة العربية الطارئة في ظل أوضاع استثنائية تهدد القضية الفلسطينية بشكل غير مسبوق.
تتعلق قلوب ملايين العرب والمسلمين بهذه القمة التي قد تكون الفرصة الأخيرة لمواجهة المخططات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، والتي تسارعت وتيرتها بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خططه التي تهدف إلى فرض واقع جديد على الأرض، يُنهي عمليًا أي أمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
لطالما كانت مصر في طليعة الدفاع عن القضية الفلسطينية، واليوم تعود القاهرة لتكون مركز الحدث السياسي الأهم، حيث يجتمع القادة العرب وسط تحديات غير مسبوقة، من تهويد القدس، وتوسيع المستوطنات، وحصار غزة، إلى محاولات شرعنة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
لم تعد القضية الفلسطينية مجرد صراع محلي، بل باتت جزءًا من مخططات كبرى تهدف إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، فيما يُعرف بمشروع «الشرق الأوسط الجديد»، الذي يسعى إلى تفكيك الدول وإعادة تشكيل النفوذ السياسي والاقتصادي في المنطقة لصالح قوى كبرى وإقليمية.
السؤال الذي يطرحه الشارع العربي اليوم: هل يدرك القادة العرب خطورة المرحلة؟ وهل سيتجاوزون خلافاتهم ليتحدوا في مواجهة هذه المخططات التي تهدد ليس فقط فلسطين، بل الكيان العربي برمته؟
إن توافق العرب وتماسكهم في هذه المرحلة الحرجة لن يسهم فقط في دعم القضية الفلسطينية، بل سيخلق قوة ردع عربية قادرة على فرض معادلات جديدة تحفظ للأمة هيبتها وكرامتها. إن الوحدة العربية، إذا تحققت، ستكون السلاح الأقوى في مواجهة الضغوط الخارجية، وستعيد للأمة وزنها الاستراتيجي على الساحة الدولية، مما يجبر القوى العالمية على إعادة حساباتها والتعامل مع العرب كطرف قوي ومؤثر، وليس كمجرد تابع للقرارات الخارجية.
رغم الأوضاع العربية المعقدة والانقسامات السياسية التي تعاني منها دول المنطقة، فإن الآمال لا تزال معقودة على أن تخرج القمة بقرارات جريئة وحاسمة توقف مسلسل التنازلات وتعيد القضية الفلسطينية إلى الصدارة على الساحة الدولية.
يتطلع الشارع العربي إلى مواقف واضحة تترجم إلى خطوات عملية، مثل فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، تفعيل الدبلوماسية العربية في المحافل الدولية، وتعزيز الدعم المالي والسياسي للشعب الفلسطيني.
الشعوب العربية، التي لطالما اعتبرت القضية الفلسطينية جزءًا من وجدانها وهويتها، تراقب القمة بحذر، وهي تطالب قادتها بعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار، بل باتخاذ خطوات عملية على الأرض توقف العدوان الإسرائيلي، وتُفشل المخططات الرامية إلى تصفية حقوق الفلسطينيين.
باختصار.. غدًا، سيكون اختبارًا حقيقيًا للإرادة العربية، فإما أن تكون القمة نقطة تحول تُعيد لفلسطين موقعها العادل في أجندة السياسة الدولية، أو تكون مجرد اجتماع آخر يُضاف إلى سلسلة الاجتماعات السابقة التي لم تُغير من الواقع شيئًا. الكرة الآن في ملعب القادة العرب، والتاريخ لن يرحم المتخاذلين.