انفض السامر، وتغلبت إرادة الجمعية العمومية للصحفيين، وفرضت سطوتها في مشهد أسطوري، تجلّى في انعقادها واختيار نقيب للصحفيين وستة من أعضاء مجلس النقابة في دورته الجديدة.
وكم كنتُ آمل أن يمتد هذا المشهد المبهج إلى سائر ربوع مصر.
كنت أرجو أن أراه في القرى، عند اختيار المشايخ والعمد، وفي الوحدات المحلية للمدن والمراكز.
كنت أتطلع إليه في اختيار المحافظين، وفي انتخاب عمداء الكليات ورؤساء الجامعات.
وكنت أتطلع كثيرًا لأن أرى هذا المشهد الانتخابي الراقي والمتميز في اختيار ممثلي الشعب بمجلسي النواب والشيوخ، وأن يأتوا بإرادة الشعب لا بإرادة الأجهزة.
كنت – وما زلت – أرجو أن نعيش لحظة ديمقراطية حقيقية يتنافس فيها مخلصون لهذا الوطن، مؤمنون به، عاملون لصالح المواطن، وخصوصاً المواطن المصري الكادح المكافح، الذي ينهض كل صباح ليصنع الحياة، والذي كان ولا يزال الصحفيون جزءاً أصيلاً من نسيجه.
مشهد انتخابات نقابة الصحفيين كان شيئًا «يفرح القلب»، ويعطينا الأمل في غدٍ مشرق، ويطمئننا على مستقبل أبنائنا وأحفادنا.
كان مبنى النقابة مبتهجًا؛ الكل فيه يتبادل السلام، الأحضان، والقفشات.. لا تصادر عليك حريتك في اختيار من تراه انت مناسبا للمهمة المقبلة بقناعة شخصية.
انفض السامر وبقيت الذكرى والحالة متوهجة فشكرا لمن لم يوفق.. لقد أثريت الساحة بحضورك، ونشاطك، وتعبك، وتعب من معك، وتعب حتى من سخّر أدواته لدعمك. لكنّها – في النهاية – كانت إرادة الصحفيين.
انفض السامر.. صحيح.. ولكن بقيت لي رسالة إلى من فاز بثقة زملاءه الذين ارتضوه وطلبوه نقيبا.. وعملوا على تنصيبه ممثلا لهم بحب وإخلاص … اليك يا نقيبي كلمتي بعد الفوز:
ابدأ بشكرٍ عمليّ لكل من لم ينتخبك قبل من انتخبوك، واعمل على جمع الشمل، ومداواة الجراح التي خلفتها المعركة الانتخابية.
كن على قدر الجماعة التي تمثلها؛ فهذه ليست أي جماعة، بل واحدة من أعظم الجماعات الصحفية على وجه الأرض.
كن شجاعًا، قويًا، واضحًا، حين تتحدث باسمها أمام أي جهة أو مسؤول.
فأمامك ملفات مهمة وعاجلة:
تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للصحفيين.
السعي الجاد لملف الصحفيين المحبوسين، خصوصًا وأننا نحتفل اليوم، السبت الثالث من مايو، باليوم العالمي لحرية الصحافة.
الالتزام بالبرامج التي أعلنت عنها وأُعلن عنها منافسوك.. فكلها ملك للجماعة الصحفية.
إطلاق مشروع قومي لتنمية موارد النقابة ذاتيًا، فقد تأتي لحظة لا تقوى فيها الدولة على الإيفاء بالالتزامات.
تطوير الجهاز الإداري في النقابة، وتنقيته من الفساد والمفسدين والمخبرين والمعطلين.
استعادة هيبة «كارنيه النقابة»، والحصول على ضمانات باحترامه في كل المؤسسات.
وهناك الكثير من المطالب للزملاء منها ماهو شخصي، وجمعي وفئوي والمؤقتين ورسوم الخدمات التي انهكتنا وأنهكت الشعب المصري بجملته.
الانتباه جيدا والتيقظ لما يحاك للنقابة والجماعة الصحفية، لسلبها حقوقها، وتعطيلها عن أداء دورها الاجتماعي والثقافي والثقافي والسياسي، فنحن نقابة ذو طبيعة خاصة، لا جمعية خدمات سرعان ما تزول.
لقد انفض السامر، لكن العمل الحقيقي بدأ الآن.
redahelal@gmail.com