بقلم – محمد فارس
لدنيا رحلة، فى بعض الأوقات ممتعة، وأيضًا مرهقة أحيانا، فهى مدرسة بكامل تفاصيلها ومحتوياتها، ونتعلم منها دائما أثناء كل مرحلة من مراحلها، وفى أى زمان وأى مكان، ففى البيت دروس ومحاضرات، وفى المدرسة بفصولها وأساتذتها وزملائها، وفى العمل وبيئته وظروفه وتقلباته، وفى الطريق والعابرون من خلاله، وفى الطبيعة بعمومها، بسهولها وجبالها وأنهارها وأشجارها، والإنسان الواعى يستفيد من كل ما يشاهد أو يسمع أو يقرأ، فالحكمة ضالة المؤمن، وعندما يجدها فهو أحق بها.
لذلك فالإنسان وليد بيئته، وما يشاهده ويتأمله فى مراحل حياته، وكنت قد شرفت بالمشاركة فى مضمار الانتخابات البرلمانية السابقة، وحرصت على أن أتخذ من الصقر شعارًا انتخابيًا لى، وجدت نفسى فى لحظة من اللحظات أتأمل هذا الطائر، وما يتمتع به من صفات وخصائص يندر أن تجدها فى فئة الطيور، هذا الصقر بأنواعه النادرة، وصفاته الآسرة يجعلك تقف إجلالًا وتقديرًا لهذا الطائر، فلو تأملنا أهم ما يميز هذا الطائر، لوجدنا أن أهم تلك الصفات، عزة النفس والشموخ، فهل تعلم أن الصقر لا يمكن أن يقع على الأرض، وأنه لا يعشق إلا الأماكن المرتفعة، كالجبال والأشجار، وكل مكان ينأى بنفسه فيه عن النزول، وهنا معانٍ بليغة تستحق إسقاط هذه الصفات العبقرية على حياتنا كبشر، فما قيمة المرء إذا انعدمت كرامته وأهدرت؟ وما الفائدة التى يجنيها الإنسان عندما ينزل بنفسه وأخلاقه إلى حضيض أولئك الذين يقبعون فى الهبوط الأخلاقى والفكرى، ويريدون أن ننساق معهم ووراءهم؟، وهل الإنسان مأمور إلا بالعلو عن صغائر الأمور. من أنواع الصقور، ما يسمى بالصقر الحر، وهو أندرها وأجملها، ومن حروف الاسم يتضح المسمى، وهو محل مديح الشعراء والأدباء فى كلامهم ووصفهم، وما أجملها من صفات، حين يكون اشتقاقها من الحرية والكرامة وعزة النفس، واستغنائها عما فى أيدى الناس والشموخ والعلو، هكذا علمنى الصقر الذى تجلت صفاته فى كل أبناء قريتى خلال رحلة كانت بالغة الصعوبة بعدما استخدم فيها الجميع كل الأساليب الممكنة وغير الممكنة للوصول إلى الجلوس تحت القبة الذهبية لمصر العظيمة.
ومن الصفات السابقة استقينا القيمة وقمنا بعمل برنامجنا الانتخابى الذى اعتمد على الاستقرار الاجتماعى، وما يمثله من قيم ومعايير تعد أهم مقومات الدول المتقدمة، كونه يوجه الأولويات على التنمية بجميع مجالاتها، ويصب كل الطاقات فى سبيل التطوير والإنتاج، والدفع بالمواهب نحو نهضة الوطن وتطوير عقل المواطن. ومقومات الاستقرار الاجتماعى عديدة، أهمها الوعى الفردى وركيزته التى تعتمد على العقل ومدى إدراكه للواقع، والوعى الاجتماعى بمقومات المواطنة وحقوقها وواجباتها وبالأولويات الملزمة، والحرية المنضبطة التى تخدم المواطن والوطن لا الأشخاص، والأمن الذى يفترض أن يكون فى خدمة الإنسان وليس العكس، بالإضافة إلى أنه يأتى كمكمل لتثبيت الوعى الاجتماعى ويعمق من قدرة الفرد والمجتمع على الأمن الذاتى.
وكان للقانون والعلم نصيب كبير من اهتماماتنا فى البرنامج الذى وضعناه لرحلتنا الانتخابية، لما لهما من تأثير مباشر على الوعى الذى يكتسب من المدرسة والأسرة والمجتمع، لأنه اذا حدث خلل فى أحدهم أدى ذلك إلى ظهور تناقضات فى الوعى، ومنها تبدأ المشكلة التى إن لم تعالج تتفاقم بشكل تراكمى مع الزمن، لتفرز أمراضًا اجتماعية قد يصل بها الأمر إلى الإضرار بالأمن القومى والاستقرار الاجتماعى، وهو ما اكتسبته من أساتذتى وكل المدرسين الذين شرفت بأن تتلمذت على أيديهم فى قريتى دمليج، التى تشتهر بالعلم والعلماء فضلًا عن تقديمها شهداء كثرًا فداء للوطن، لذلك ضربت بلدتى العظيمة مثالًا متفردًا على كل قرى الجمهورية فى الانتخابات من خلال الوعى الذى يتمتع به أهلها. إن كل شيء فى الحياة تشعر أنك تستحق الحصول عليه، عليك أن تعى أنه يستحق أيضا أن تقدم له ما يستحقه، لذلك لا يتوقف الناجحون عن تطوير أنفسهم وصقل ذاتهم، وهنا لا بد من الشكر لكل أهالى قريتى العظيمة، وكل أبناء دائرة مركز منوف على دعمهم ومساندتهم لابنهم الشاب فى هذه الانتخابات التى كانت بالغة الصعوبة، هكذا علمنى الصقر.