بحسب التعريفات اللغوية فإن مفهوم «الحوار» يعني الرجوع عن الشيء أو إلى الشيء، وذلك من خلال مشاركة حقيقية بين أطراف متعددة ما بين قائل ومستمع هما في حالة تبادل دائمة، وفي إطار يحكمه الأخلاق والأدب في التحاور، لتكون المباراة النقاشية ذهابا وإيابا، تستهدف أولا وأخيرا الوصول إلى نتائج تدعم خطوات وقواعد وأسس إرساء وتنفيذ الهدف المرجو.
وبما أننا في حوار شامل، فإنه يمكن القول بأننا أمام حلقة نقاشية مجتمعية إنسانية هدفها الوطن، هذه الحلقة تخلق قنوات اتصال مباشرة بين المستويات العليا والمواطن البسيط في شتى المجالات وجميع الموضوعات ومختلف الملفات التي تهم الإنسان وحياته، ليس الآن فقط، وإنما أيضا لرسم خطوات وملامح المستقبل.
هذا التوصيف الشامل لا يخرج عنه «الحوار الوطني»، الذي يسير بخطوات ثابتة وناجحة منذ أكثر من عام منذ دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في حفل إفطار الأسرة المصرية لإطلاق حوار وطني شامل دون إقصاء أو خطوط حمراء، حوار احتضن جميع الفئات والأطياف والقوى السياسية والوطنية والحزبية بألوانها وأفكارها وأيدولوجياتها المتباينة.
بالنظر إلى جلسات الحوار التي شملت محاور مجتمعية وسياسية واقتصادية لن تجد جلسة واحدة دون فائدة أو حتى دون أن يكون هناك تمثيل للجميع، بالإضافة إلى أن الملفات التي تناولتها المائدة ناقشت محاور وعناصر وموضوعات ذات اهتمام واسع وكبير، ومن ثم كانت هناك توصيات هامة هي حقيقة تمس الوطن والمواطن، الأمر الذي جعل الرئيس السيسي يجعل توصيات الحوار محل اهتمام دون قيد أو شرط، مصدقا على ما كان في إطار صلاحياته وتحويل التوصيات ذات الاختصاص للعرض على البرلمان لاتخاذ اللازم تجاها.
لكن رغم هذا لدي بعض الملاحظات، الملاحظة الأولى تتعلق بالتيار المدني وبعض أصوات المعارضة التي لم تتمكن من استغلال الفرصة وكان نصيب مشاركتها حصيلته لا شيء، البعض الأخر ردد نغمة واحدة في كل وقت وحين دون تمييز ودون مشاركة تذكر أو حتى تترك بصمة.
الملاحظة الثانية: بعض الأحزاب أتصور أنها بحاجة لمراجعة وإعادة نظر في ذاتها بعدما كشف الحوار هشاشتها وضعفها وغياب فكرها وإنها حتى بلا هوية وبلا أيدولوجية حقيقية.
الملاحظة الثالثة: الجلسات جميعها وجميع توصياتها الحقيقية المقدمة في إطارها المنظم بعيدا عن هؤلاء الذين ضيعوا على أنفسهم الفرصة، هي جلسات وتوصيات مهمة نأمل سرعة تنفيذها، بما يخدم الصالح العام.
الملاحظة الرابعة: هي الأهم في وجهة نظري، هذا المجهود الجبار المبذول من مجلس الأمناء برئاسة الأستاذ ضياء رشوان الذي يمتلك هو ورفاقه قدرة غير عادية على إدارة الجلسات والحفاظ على المسار الطبيعي والسليم للحوار وبالتعاون مع الأمانة الفنية المسئولة عن التنظيم والإشراف برئاسة المستشار محمود فوزي يؤكد ما نقوله ونسعى إليه جميعا، بأن الحوار الوطني هو أولى الخطوات الحقيقية نحو الجمهورية الجديدة، ليبدأ الطريق من هنا.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية