الحرب التهويدية الثقافية التي تتخذها إسرائيل منذ عام 1967، ضد المدن والقرى الفلسطينية، لا تقل خطورة عن الحرب العسكرية للاستيلاء على المدن الفلسطينية ضمن خطط وآليات موضوعة بدقة تنفذ برعاية أمريكية ومباركة أوروبية، وتواطؤ غير محسوب مخاطره من قادة وملوك المفروض أن يكونوا في خط الدفاع الأول عن أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين ومهبط الرسالات.. إلا أنهم سيخضعون حتما لمحاكم التاريخ، وللمحاكم الشعبية التي لن تغفر لمن فرض ولمن باع.
سياسة التهويد التي تتبعها إسرائيل وخصوصا الثقافية والمناطقية منذ عام النكسة، حيث غيرت أماكن ومسميات ومواقع غرفية فلسطينية إلى آخري إسرائيلية، والأهداف بالطبع معروفة في مسار التهويد، وحتى تتلاشى الأسماء العربية الأصلية تدريجيا فيعتاد عليها أجيال متوالية وترسخ في الأذهان والمخطوطات كجزء من الواقع، وحذف ما يخالف ذلك الكلام من السوشيال ميديا وإعدام المخطوطات التاريخية في المحارق الإسرائيلية.
ووفقا للجنة المسميات الحكومية الإسرائيلية فقد تم تغيير أسماء أكثر من 7000 موقع فلسطيني بالإضافة إلى 5000 موقع جغرافي، ومواقع أخري تاريخية، وبالطبع كل الأسماء الجديدة التي أطلقت على الأماكن المستهدفة تم اختيارها بعناية وجميعها مستوحاة من التوراة بهدف التأثير في الأيديولوجية اليهودية.
وجاءت الحرب الأخيرة على غزة لتدق ناقوس الخطر تجاه حملة الإبادة ومحاولات التهجير القسري بإطلاق حملة فلسطينية تحت عنوان «ما اسمهاش»، الحملة وطنية من الطراز الأول للتذكير بأسماء المناطق الحقيقية والدعوة لعدم التفاعل مع الأسماء اليهودية الدخيلة على الدولة الفلسطينية.
وتذكر الحملة الأجيال الجديدة بالأسماء الأصلية لأشهر المدن التي حولها الاحتلال إلى أسماء جديدة، فمثلا تل أبيب في الأصل كان اسمها الشيخ مؤنس، ونتسيرات كان اسمها الناصرة والمعروفة أيضا بعروس الجليل، أورشليم كانت تسمى بالقدس، بير شيفع وهي بئر السبع، والتي تعد المدينة الأكبر في صحراء النقب، عكو فهي عكا، وأشكلون فهي عسقلان، كيرم شالوم كانت كرم أبو سالم، حفرون هي في الأصل مدينة الخليل، ويافوهي هي مدينة يافا، وإيلات أصلها أم الرشراش، وغيرها الكثير من الأسماء التي تم تهويدها.
الحقيقة أنه منذ عام 2009 اتخذت إسرائيل قرارا بتغير أسماء كل المدن والقرى الموجودة على اللافتات في الشوارع والطرقات الرئيسية في حملتها للسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية.
باختصار.. حملة التذكير بأسماء المدن الفلسطينية الأصلية تحت عنوان «ما اسمهاش» والتي أطلقت على مدار الأسابيع الماضية شغلت النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام الفيديوهات والصور للتأكيد على الأسماء العربية للبلاد التي غيرتها إسرائيل منذ سنوات.
الاحتلال يواصل عمليات التهويد كجزء من سياسته لطمس الهوية الفلسطينية لتبدو وكأنها جزء من إسرائيل، كما أن تغيير الأسماء يوحي بالسيطرة على الأرض ومن ثم تغيير التاريخ الفلسطيني، وبعد الانتهاء من المخطط الأصغر يبدأ في المخطط الأكبر لتحقيق حلمه التوسعي من المحيط إلى الخليج ومن ثم تغيير هويتنا العربية كلها ولا نجد ما نقوله لأمة ضحكت من جهلها الأمم!!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية