عالم من الأحاسيس الإنسانية والتحدي تقدمه الكاتبة الصحفية أماني القصاص في رواية فتاة وبحيرتان بمعرض الكتاب.
نداء فتاة مصرية عاشت طفولتها بقرية ساحلية بأحد قرى الدلتا التى تقع على أحد البحيرات المتصلة بالبحر المتوسط في أقصى شمال مصر، أكملت دراستها بمحافظة الإسكندرية وكانت متفوقة دراسياً فانتقلت لتكملة دراساتها العليا والعمل بجينيف- سويسرا.
عاشت شبابها وسط أجمل بلاد العالم وأكثرها رقى وتحضر وفخامة، لكنها رغم كل هذا عاشت تعيسه وحيدة ولم تدرك جمال ولا متعة الحياة سوى بلقائها «حسين» فارس أحلامها الذي رأت حياتها معه حلم سيحكى الجميع عن روعته وجماله رغم التعقيدات الظاهرة من فارق كبير فى السن والثقافة وطبيعة كل منهما.
لكن مرآة حبها له وطمأنينتها معه كانت ترى كل هذه الخروق فى سفينته لكنها أبحرت مطمئنة معه لكن صدمها التغير الكبير بسلوكه وباحساس الأمان معه منذ اليوم الأول لزواجهما فاعتبرت أن هذه نقطة تحول لحياتها كلها وليس فقط لعلاقتها به.
خاصة بعد أن عاشت صراع كبير بين أمانها الزائف وأملها بالإصلاح وخذلان نفسها التى عاقبتها بالدخول فى اكتئاب شديد حاولت الإفلات من براثنه بالتجاهل أو بالانغماس فى الطعام العاطفى أو اللجوء لطبيبة نفسية تساعدها فى الغفران والتجاوز بشكل حقيقي لتكملة حياتها مع الحبيب المفتقد أو تأخذ بيدها لتستطيع غلق هذا الباب بآلامه ووجعه وتمنحها بعض القوة لتستيع تركه رغم سعادتها التى وجدتها معه.
تذهب نداء للطبيبة وتحكي عن خيبة أملها بالزواج ومعاناتها مع الطعام العاطفى والقلق والإكتئاب ونوبات الهلع وعدم رغبتها فى الحياة لدرجة انسحابها من كل شئ وإهمال شكلها، وصحتها، وعملها، لكن المفاجأة أن تترك الطبيبة كل هذا وتسألها عن طفولتها كيف عاشتها وسلوك من حولها معها عند نشأتها وعلاقتها بأمها وأبيها ومحيط أسرتها الأولى.
تحكى نداء عن كل هذا لكنها تغضب من كم الذكريات التى ترى نفسها سجينة به حتى أن طبيبتها تجرها أيضاً لغرفة التذكارات فتواجه طبيبتها بغضب وتقول لها: أتيت اليك لأجد حلاً لمصيبة زواج رأيته حلم فوجدته كابوس.
وقتها أجابتها الطبيبة اجابة فاصلة غيرت رؤيتها لكل شئ بحياتها بما فى ذلك ما حدث لها مع زوجها، أجابتها الطبيبة بثقة: ان الزواج التعيس لا يدمر الحياة لكن السبب الداخلى الذي دفعنا لجذب الزوج الغير مناسب هو ما يجب أن نبحث عنه ونعمل على اصلاحه لذلك توقفت نداء عند كل صدمة مرت بها في طفولتها أو شبابها.
عند كل موقف لم يمر على روحها عند كل أزمة سارت الحياة ظاهريا عندها لكنها سجنت شئ هام بداخل نفسها، طلبت منها الطبيبة أن تكتب كوابيس نومها ويقظتها بعدما اختلط عليها الأمر هل سجون كوابيسها تحاصرها فى وعيها أم فلى نومها فقط.
كتبت نداء وكتبت ثم كتبت خطابات لكل من آلمها وكل من أرادت سؤاله أو حسابه أو عتابه ومراجعته بما فيهم قدرها والالهها وأبيها الراحل وأمها القاسية ونفسها الذي أغرقتها في عذابات لا متناهيه.
تأخذنى الرواية لرحلة تعافي اختلط فيها الواقع اليومي للبطلة بذكرياتها، بسلوكها تجاه نفسها وتجاه من حولها وكيف يتبدل كل هذا أثناء العلاج والوعي وقبول نفسها وكل ما وضعها الله به من ظروف عادية أحيانا وقاسية أحيانا لتصبح بالنهاية الشخصية التى تعيش عليها اليوم وتتعلم من خلال كل تجربة ما ينقصها لتكون أفضل وتحيا بوعى ونور ومحبة لنفسها أولا ثم لله ثم لكل قدر أو مكان أوعلاقة تواجدت بها وتطورت من خلالها.