بقلم – إبراهيم الصياد:
قلنا استمر اتجاه التغيير الإيجابى فى الأيام الأولى من الثورة ثم سرعان ما ركب الإخوان الموجة، واختطفوا مع غيرهم من أصحاب المصالح النخبوية الثورة جهارًا نهارًا بعد يوم ٢٨ يناير، وتحول مفهوم الثورة إلى مفهوم للفوضى، حيث كانت الثورة على النظام الذى اعتراه الفساد ولكن الفوضى كانت ضد الدولة.
ويبقى جانب مهم من أين جاء مفهوم المؤامرة؟ الأمر الذى ساهم فى إحداث تغيير وجهة نظر البعض لما حدث فى ٢٥ يناير أو على وجه الدقة ما حدث بعد ٢٥ يناير، يمكن القول إن التآمر لم يكن داخليا بقدر ما كان خارجيا تحت مسمى الفوضى الخلاقة وتصفية الدولة بأيدى أبنائها.
على الرغم من أن البداية لم تكن توحى بوقوع ثورة لكن تلاحق الأحداث وتسارع إيقاعها هو الذى قاد إلى الاتجاه نحو احتمالية التغيير الشامل، ودعونا نقول إن نقطة الضعف فى ٢٥ يناير أنها ثورة غير منظمة ولم يكن لها رأس مثل ثورة ٥٢ التى كان يقودها -الضباط الأحرار- وهو ما أطلقوه على أنفسهم. ولكن ثورة يناير كانت العكس انتقلت من العالم الافتراضى الموجود على شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت» فى شكل إرهاصات ودعوات هنا أو هناك للتغيير إلى الميدان -بمعناه المجرد- ولهذا لم يكن مستغربا أن يكون الشباب هم طليعة من كانوا فى ميدان التحرير فى الأيام الأولى للثورة. ولكن عندما تخلى مبارك عن الحكم وتنازل للقوات المسلحة ظهر كل من فى نفسه هوى السلطة وجاءت جماعة الإخوان فى المقدمة لتدعى أنها مع الثورة رغم أن الإخوان كانوا يعادون الميدان خلال فترة حكمهم بعد ذلك، فقد كانت تنتابهم حالة قلق شديدة كلما ازدادت سخونة الميدان، لأن الواقع كان يقول إن الإخوان سرقوا الثورة ويخشون فضحهم، ولكن السؤال لماذا هم بصفة خاصة الذين فازوا بالحكم؟ ببساطة لأنهم الأكثر تنظيمًا والأكثر مقدرة على الحشد وسط القوى السياسية التى ظهرت بعد خلع نظام مبارك وكانت القوى الثورية التى قامت بالثورة الأقل تنظيمًا وحشدًا ولذلك كان طبيعيًا أن يفوز الإخوان بالانتخابات البرلمانية فى فبراير ٢٠١٢ والانتخابات الرئاسية فى يونيو من نفس العام والسؤال التالى: إذن لماذا سقط حكم الإخوان؟
لأنهم وجدوا أنفسهم فجأة على قمة السلطة ولأنهم تعودوا على الحياة السرية وتنظيمات تحت الأرض، فلم يكن لديهم المقدرة على الاستمرار فى السلطة، فكان سقوطهم محتومًا، وهو ما تحقق فى الـ٣٠ من يونيو بإرادة الشعب وفى ثورة استردت منهم ثورة يناير «المسروقة»، ولم يكن يوم الثالث من يوليو إلا الإجراء التنفيذى لما يريده الشعب المصرى، إذن ٢٥ يناير كانت إرادة تغيير حافظت عليها إرادة سياسية أخرى تحققت فى الثلاثين من يونيو، من هنا من يحاول افتعال التناقض العمدى بين التاريخين يتخذ موقفا مسبقا ويبتعد عن الرؤية الموضوعية فى تحليله لتطورات الأحداث لكن فى الوقت نفسه تظل عوامل المؤامرة قائمة ومتحدية المد الثورى وما زلنا ندفع ثمنها حتى يومنا هذا رغم مرور ست سنوات على ثورة شعب باركها الجيش.