ندرك جيدًا أن تأثير البشر السلبي على التغيرات المناخية حقيقة لا تقبل الشك أو التسويف، ويأتي ذلك نتيجة الكمية المنبعثة في الغلاف الجوي من ثاني أكسيد الكربون من الأنشطة الصناعية والتي تجاوزت بكثير ما يمكن أن تمتصه الطبيعة، ما نتج عنه تغيرات في درجات الحرارة أصبحت تهدد البيئة التي نعيشها وخلقت حالة من التوتر والصراعات الدولية، نظرًا لتضارب المصالح الاقتصادية وأصبح المناخ أكثر تطرفا وأصبحت الطبيعة أكثر شراسة نحو البرد القارص شتاءً والحر الشديد صيفًا.
ومؤخرا أنتبه العالم جيدًا لتلك الظاهرة الكونية، ولكنه لا يزال مُطالب باتخاذ خطوات جماعية جادة في محاولة لخفض حرارة الأرض والتقليل من انبعاثات الوقود الأحفوري من أجل المحافظة على البيئة وتجنب العديد من الدول الآثار السلبية والعواقب الوخيمة التي قد تتعرض لها، نتيجة لتلك التغيرات المناخية والتي قد تصل إلى انقراض بعضها واختفائها نهائيا من على سطح الأرض.
وتأتى القمة الدولية التي انطلقت بمدينة «جلاسكو» البريطانية منذ أيام بمشاركة عدد من زعماء دول العالم اختبارا حقيقيًا للجميع للعمل سويا بكل جهد وإخلاص، لمواجهة هذا الخطر الذى يهدد حياة ملايين من البشر في مختلف دول العالم الذين أصبحوا مهددين للتعرض لخطر الفيضانات بحلول عام 2030 بحسب تقرير أممي أعده خبراء تابعون للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والذين أكدوا أن درجة حرارة الأرض ارتفعت بشكل كبير ومقلق خلال الأعوام الماضية، الأمر الذى يستوجب على قادة العالم أن يضعوا حلولا جذرية لمواجهة ذلك، وأن يعيدوا حساباتهم الصناعية التي كانت أكبر العوامل التي تسببت في ظاهرة الاحتباس الحرارى.
ما أخشاه في تلك القمة أن تطغى المصالح الاقتصادية لدى بعض الدول على المصلحة العامة المشتركة في مواجهة خطر التغير المناخي، دون إقرار استراتيجيات ملزمة لمكافحة تلك الظاهرة.. وهنا نتساءل هل ستنجح قمة جلاسكو في معالجة الظاهرة المناخية؟ وهل ستتحمل الدول الكبرى مسئوليتها التاريخية تجاه الدول النامية في الأزمة التي أحدثتها؟ خاصة بعدما فشلت القمة المناخية التي عقدت في باريس لعام 2015 في تحقيق أي نتائج تذكر.. أسئلة لعل تجيب عنها الأيام القادمة وما ستسفر عنه القمة الدولية الحالية من قرارات وتوصيات.
وأرى أن الكلمة التي ألقاها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال مشاركته للقمة كشفت أن مصر من أولى الدول التي اتخذت خطوات جادة لمواجهة خطر التغيرات المناخية، وقطعت شوطًا كبيرًا نحو تحقيق التزاماتها البيئية والتحول إلى الاقتصاد الأخضر، حيث إنها من أولى الدول في العالم التي قامت بإنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية في إفريقيا بمدينة أسوان لتوليد الطاقة النظيفة، وكذلك إقامتها للمشروعات القومية العملاقة التي اعتمدت على استخدام تكنولوجيا حديثة صديقة للبيئة، والتحول إلى استخدام وسائل التكنولوجيا النظيفة في النقل والمواصلات، وتوليد الطاقة بدلا من الوقود، فضلًا عن إنشاء المدن الذكية والمستدامة.
ومما لا شك فيه أن تطرق الرئيس أيضا للحديث عن خطورة الفجوة الموجودة بين التمويل المتاح وحجم الاحتياجات الفعلية للدول النامية لمواجهة التغير المناخي، تعكس مدى إدراكه واهتمامه بقضايا القارة الإفريقية ودعمه لها وأن مصر ستكون القاطرة التي ستقود القارة السمراء لمواجهة ظاهرة التغير المناخي.
على العالم أن يعي جيدا أنه في حال عدم قدرته على خفض الانبعاثات الغازية خلال السنوات القليلة القادمة ستتعرض الأرض لارتفاع في درجة الحرارة، الأمر الذى ستكون عواقبه غير محمودة، منها هطول أمطار غزيرة في مناطق كانت قاحلة، وجفاف للأمطار في مناطق كانت تغمرها مياه الأمطار بصورة كبيرة، وهو ما سيترتب عليه صراعات سياسية على الموارد الطبيعية من أجل البقاء، كلي أمل كغيري من الملايين المهتمين بظاهرة التغير المناخي أن تنجح الدول الصناعية الكبرى في خفض الانبعاثات الغازية الدفيئة إلى الصفر، من خلال استخدام التكنولوجيا النظيفة والتوسع بشكل أكبر في زراعة الأشجار الخضراء، لامتصاص ثاني اكسيد الكربون لتقليل درجة حرارة الأرض.. وأرجو ان تُسرع الدول الكبرى أيضا بالوفاء بالتزاماتها المادية تجاه القارة السمراء طبقا لما تم الاتفاق عليه سابقا في مؤتمر باريس للمناخ لعام 2015، نظرا لتأثر تلك القارة بالسلبيات المناخية الناجمة عن استخدامات الدول المتقدمة للغازات والوقود في الصناعة والذى نتج عنه ظاهرة الاحتباس الحراري.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية