بقلم – محمود نفادي
مصر لن تبيع مبادئها، ولن تتاجر بمواقفها، ولن تتخلى عن دورها وواجباتها تجاه أمتها العربية مهما حدث من أزمات عابرة تعودت عليها على مدار تاريخها فى التعامل مع أمتها العربية، ولن تعطى الفرصة لأحد لكى يحدث وقيعة بينها وبين الأشقاء العرب فى منطقة الخليج، وأن عبارة الرئيس عبدالفتاح السيسى «مسافة السكة» ستظل قائمة مهما حدث من سوء فهم أو سوء تقدير للمواقف..
فالعروبة بالنسبة لمصر وشعبها ليس مجرد اختيار كما يتصور البعض ولكنها قرار مصيرى وحاسم، تسرى فى عروق وشرايين الشعب المصرى كما تسرى الدماء فى تلك الشرايين، وإذا جفت دماء العروبة فى الجسد المصرى فإن هذا الجسد سوف يموت ويفارق الحياة.
فمصر تؤمن إيمانا راسخا أن العروبة هى الحصن المنيع أمام أى حملات للنيل من الدول العربية، وأن انهيار هذا الحصن يعنى انهيار الدول العربية بلا استثناء، وهو المخطط الذى يسعى إليه بعض الأطراف من خارج الدول العربية ومن داخلها أيضا، ومحاولة فتح ثغرات فى هذا الحصن المنيع، وهو ما يحدث اليوم على صعيد العلاقات «المصرية العربية» بصفة عامة والمصرية الخليجية بصفة خاصة..
فمصر لن تنسى جهود ودور بعض الأشقاء العرب فى دعمها ومساندتها لإسقاط ودحر الاحتلال الإخوانى ونجاح ثورة ٣٠ يونيو فى تنفيذ أهدافها، وأن ما قدمته بعض الدول العربية لمصر كان سندًا قويا فى معركة البقاء والمصير وتحرير الإرادة المصرية أمام محاولات إسقاط مصر..
وما يحدث اليوم على الساحة المصرية وأيضا العربية ومحاولات تضخيم سوء الفهم وسوء التقدير بشأن بعض القضايا العربية والإقليمية والدولية لن يمس ثوابت الموقف المصرى، ولن يضع الأطراف الأخرى مهما حدث فى خانة الأعداء لمصر كما يصور البعض ذلك، ولن نمنح هؤلاء فرصة الرقص على أطلال العروبة كما يسعون ويخططون. وإذا كانت العروبة قد شهدت على مدار التاريخ فترات صعود وهبوط فى العلاقات المصرية العربية فإن ما يحدث اليوم بمثابة اختفاء قسري للعروبة، ويسعى البعض لتحقيق هذا الاختفاء القسرى بهدف النيل من الجميع ليس مصر بمفردها كما يتخيل البعض، ولكنها خطة شيطانية خبيثة للنيل من الجميع ممن ينتمون للعروبة فعلا وليس قولاً.
فالجميع من سياسيين وإعلاميين ومفكريين وقادة رأى فى مصر وباقى الدول العربية وخاصة دول الخليج العربى يجب أن يفهموا هذه الحقيقة، ويتعاملوا معها على أنها حالة اختفاء قسرى للعروبة، وليس اختفاء دائما ومستمرا، وأن سوء التقدير سوف يزول وينتهى، وسوء الفهم سوف يختفى وتنقشع سحابة هذه الأزمة الطارئة على الساحة العربية.
فالأمر لا يحتاج أى تراشق سياسى وإعلامى وانتفاضة من المنصات الإعلامية سواء فى مصر أو فى الأطراف العربية الأخرى، وأن نتعلم من دروس الماضى القريب والبعيد، وأن تتوقف التصريحات والتعليقات من جانب الجميع ونترك سبيلاً للقنوات السياسية والدبلوماسية لعودة المياه إلى مجاريها.
وعملية الاختفاء القسرى للعروبة لا تحتاج إلى بلاغات لأجهزة الإنتربول الدولى للبحث عنها، ولكن تحتاج إلى بلاغات وبيانات للشعوب العربية لمعرفة أسباب هذا الاختفاء القسرى، لأن الشعوب العربية هى القادرة على إنهاء حالة الاختفاء القسرى للعروبة، لأنها هى المتضررة من وراء ذلك، وليس الحكام والرؤساء والملوك.
والاختفاء القسرى للعروبة يفرض على الجميع فى مصر وجميع الدول العربية الأخرى الالتزام بصوت العقل والحكمة، وألا نصيب الجسد العربى بمزيد من الجروح والآلام، خشية أن يدخل هذا الجسد العربى إلى غرفة الإنعاش ويتوقف القلب عن العمل، ويتحول الاختفاء القسرى إلى اختفاء أبدى.