بالأمس أدي الرئيس اليمين الدستورية لولاية ثانية في مشهد غاب عن المصريين سنوات طويلة لعدم وجود مجلس نيابي منذ ثورة 25 يناير ومدها العظيم في 30/6.. أكتب هذه السطور قبل الجلسة التاريخية.. وأثق أن نبض وتطلعات وآمال واستحقاقات عشرات الملايين الذين يمثلون الأرصدة والظهير الشعبي الحقيقي لبلدهم ولثورتهم لن تغيب عن البيان الذي سيلقيه الرئيس، وأن خطوطه العريضة والرئيسية ستكون إدراك التطلع إلي سياسات وقرارات وإجراءات تحقق نقلات مهمة سياسية واقتصادية واجتماعية تدعم وتترجم الإيمان بشراكة الشعب واطمئنانه عنصرا أساسيا وحاكما في تخفيف وعبور الأزمات والتحديات الخارجية والداخلية وتعالج إحساسا جمعيا بأن إدارة الحلول لكثير من الأزمات لم تكن موفقة ولم تحقق المرجو منه ـ رغم عظيم الإنجازات للمشروعات القومية كما وكيفا والذي لم يستطع أن يمنع إحساس موجعا بأن الأغنياء يزدادون غني والأكثر ألما وعوزا يزدادون وجعا.. رغم أنه لم تتوقف توجيهات الرئيس بتخفيف الأعباء عن الفئات الأكثر احتياجا، ولكن ما طبق من برامج ومبادرات يحتاج إلي الأفضل والأقدر علي الوصول إلي الملايين الأكثر استحقاقا.
يدرك المصريون من أبطال الصمود البطولي وحاملي أثقال الصبر التحديات التي تواجه بلدهم ولكنهم في النهاية بشر يشاهدون مظاهر الغني الفاحش بل والفاجر وأن الكثير من جوانب الحياة يمضي علي مقاييس هذا الغني وهذه القدرات ويريدون توزيعا بعدالة للأعباء والتكاليف.. يتابعون بإعجاب ضربات الرقابة الإدارية ويعتصرهم الألم.. كم من اللصوص والفسدة الكبار استطاعوا ويستطيعون الإفلات بملايين إن لم تكن مليارات من أموال واستحقاقات يحرمون منها!! رؤساء مجالس إدارات ومحافظين ونوابهم ومديري مكاتبهم ومستشاري وزراء ومتحدثين رسميين ومستشارين للاتصال السياسي.. أين ما لم يتوقف السؤال عنه والمطالبة به من قوانين تقطع أذرع ورقاب الفساد والفسدة.. أين مجلس النواب من إنهاء شرعنة الفساد لحماية المنهوب والمهدر من الثروات؟! وبمناسبة ما ظهر من مستشارين ضالعين في أحدث ضربة للرقابة الإدارية… متي ينتهي ما يكلفه المستشارون،لقد أعلن أحد النواب أن المستشارين المنتدبين للهيئات الاقتصادية يشكلون 80% من خسائر هذه المؤسسات، ولماذا لا يعلن علي الناس ما تم من ترشيد في الإنفاق الحكومي ولعل البداية تكون باختصار عدد الوزارات من 34 إلي 24 وزارة لعلها تعالج ما تم زيادته من المرتبات.
تنتظر الملايين من الأرصدة الشعبية تحقيق ما أعلن في مؤتمر الشباب الخامس من بدايات لجني ثمار كثير من المشروعات القومية الكبري التي تمت خلال السنوات الأربع الماضية وفي مقدمتها زيادة إنتاجنا من محاصيلنا الاستراتيجية وبما يطفيء أسعار الغذاء، بالإضافة إلي الأخطر عما سيترتب علي تقارير دولية أعلنت أن 2018 هو عام الجوع وهو ما يفرض استثمارا جادا يحترم ما لدينا من ثروات علمية وخبراء وأبحاث في مراكز أبحاثنا يستطيع أن يحقق استثمارها معجزات في حياتنا ـ بين يدي دراسة من أمتع وأهم ما قرأت عن الفرص المتاحة والممكنة لزيادة إنتاجنا الغذائي والوصول إلي حدود الاكتفاء وتجاوز أزمات المياه، الدراسة لواحد من كبار علماء وخبراء مركز البحوث الزراعية د. غريب البنا، نموذج واحد من آلاف النماذج والخبرات المهدرة وللأسف يحدث دائما اختيار الأقل قدرة وكفاءة!! وأيضا تحقيق دعوة المؤتمر لتمكين الشباب من تجديد حياة ودماء المحليات وتوفير ضمانات عدم إعادة استنساخ ما كان يحدث من سيطرة للسلطة والنفوذ والمال، دعوة أخري من أهم دعوات مؤتمر الشباب تنتظر النفاذ وهي الاستماع لصوت المعارضة في حل مشكلات الدولة وأنه لا سعي جادا لبناء ديمقراطي دون احترام الرأي الآخر وفتح آفاق العمل والمشاركة السياسية للأحزاب الجادة وتكوين اللجنة الوطنية التي دعا المؤتمر لتشكيلها لتفعيل المشاركة السياسية بين الحكومة والأحزاب ومختلف الأطياف الوطنية وحماية الحريات المسئولة والحدود التي يجب ألا تتجاوزها الأجهزة الأمنية وإعادة النظر في قواعد اختيار المسئولين وخاصة بعدما توالي كشفه من تساقط مسئولين ومحافظين وأقرب العاملين معهم في شبكات وجرائم فساد!!
ينتظر المصريون في فترة الرئاسة الثانية التي بدأت بالأمس فتح ملفات الثروات التي تفيض بها مصر لتمويل المشروعات الكبري التي يتواصل استكمالها خلال السنوات الأربع المقبلة والمشروعات التي تمثل ضرورة حياة للملايين وفي مقدمتها إنقاذ آلاف القري والصعيد من آثار عشرات السنين من الإهمال ورد الحياة والاعتبار والكرامة والإنسانية لمدارسنا ومستشفياتنا.. ومد جسور المصارحة والمكاشفة التي تشعر كل مصري بأنه شريك في كل ما حدث ويحدث في بلاده.. كمصير أموال التأمينات والمعاشات وما أشرت إليه عما قبل من أن المتأخرات الضريبية 450 مليار جنيه.. ومليارات الصناديق الخاصة في محافظات محرومة من أبسط مقومات الحياة الآدمية وتستجدي الخير والتبرعات كأن مليارات هذه الصناديق ليست حقوقا أصيلة لأبنائها.. وهناك مليارات التصالح في مخالفات البناء، ورغم جهود الدولة مازالت جرائم بيع أراضي الدولة مستمرة ودون مبالاة بالكارثة التي ينذر بها تقرير أعلن أن مصر أصبحت تحتل المركز الأول في معدلات التصحر بسبب استمرار زحف البناء علي الأراضي الزراعية!!
لا تمضي وسط الناس أو تحاورهم إلا وتسمع آمالا وتطلعات كبيرة معقودة علي السنوات الأربع المقبلة.. نسمع أيضا مخاوف وقلقا من أعباء جديدة لا تفرق بين القادرين وغير القادرين علي حملها.. ننتظر تصحيح مسارات واستكمال نجاحات ومعالجة أخطار وتقصير وثورة في اختيار الكفاءات والخبرات وإعادة ترتيب الأولويات واستعادة سطوة وهيبة القانون بعدالة وبحسم والتقدم في الحربين علي الارهاب والفساد واتخاذ ما هو أعظم بالاهتمام وتلبية وتعميق روابط الثقة والمشاركة مع الجموع والملايين أبطال الصمود الشعبي الذين أكد الرئيس أن لولاهم ولولا صمودهم وتضحياتهم ما كان عبور مصر بكل ما واجهت ومازالت من تحديات وأخطار لذلك ندعمهم، وتحقيق ما يتطلعون إليه ويأملون فيه دعما وقوة للحاضر والمستقبل.