نجا ماكرون.. وسقطت فرنسا.. نجا ماكرون بمنصبه الرئاسي.. وسقطت فرنسا في مستنقع العنصرية والفوضى.
إن ما حدث في فرنسا من أحداث كادت تعصف بأمنها واقتصادها واستقرارها لم يكن وليد اللحظة ولا مجرد رد فعل لمقتل الشاب الجزائري نائل الذي لقى مصرعه على يد أحد أفراد الشرطة الفرنسية.
ولكن الأمر له جذور عميقة.. فالعنصرية تمكنت من هذا البلد بعد أن اختار الرئيس الفرنسي ماكرون لنفسه سياسة تسببت في تقسيم الشعب الفرنسي لطائفتين.. الأولى الطائفة المدللة التي تتمتع بدعم وتأييد شخصي منه وطائفة أخرى مهمشة يعيش أغلبها في الضواحي وينتمي معظمها إلى العرب والأفارقة.. هذه الطائفة تعرضت إلى حرب ممنهجة من الرئيس وحكومته والإعلام الموالي له ومن مؤيديه ومناصريه.. ومن هنا ظهر الوجه الآخر لفرنسا.
لم يدرك ماكرون خطورة السياسة التي ينتهجها لأنه ببساطة ينقصه خبرة وحنكة الرؤساء الكبار أمثال الرئيس الأمريكي الأسبق ميشيل أوباما مثلا.
ففي إحدى مقابلاته التلفزيونية قال أوباما قولته المشهورة.. أن ما يهدد الأمة الأمريكية العنصرية وحمل السلاح.. فقط حدد الرئيس الأمريكي مكمن الخطر في العنصرية التي وصفها بأنها أخطر ما يهدد كيان الأمة الأمريكية واستقرارها.. فالرجل كان يدرك من أول يوم في حكمه أن تقسيم الأمريكان بين أصحاب بشرة بيضاء وأخرى سوداء يهدد السلام الاجتماعي.. وأن التفرقة بين الأمريكيين على أساس الجذور والأصول ما بين أوروبي وعربي وآسيوي هو أمر يهدد بانفجار الأوضاع ويعصف بحالة الاستقرار.
كان أوباما يدرك أن أبجديات حفظ كيان الدولة تتمثل في عدم التفرقة بين المواطنين في العرق أو الجنس أو اللون وأن هذا المبدأ الذي يعد من أبجديات حقوق الإنسان لا يجب أن يكون مجرد شعار ولكن منهج عمل.
مشكلة فرنسا تكمن في رئيسها.. فالفارق كبير بين رئيس مثل أوباما الذي حارب العنصرية بكل قوة ورسخ لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات.. وبين ماكرون الذي يرسخ للعنصرية كل يوم ويمهد الطريق لحرب أهلية بين اليمين المتطرف من ناحية وأصحاب البشرة السوداء والأصول العربية والإفريقية من ناحية أخرى.
هناك فارق بين رئيس يهتم بجميع المواطنين على حد سواء وبين آخر يمارس العنف والتهميش والازدراء ضد فئة من أبناء وطنه.
هناك فارق بين رئيس يقدر حجم مسؤولياته مثل أوباما.. وبين ماكرون الذي ظهر في حفل راقص وبلادة تغرق في الفوضى والماء.
إن ما حدث في فرنسا يدفعنا لأن نقول لأوروبا لا نريد منكم حديثا بعد اليوم عن حقوق الإنسان والمساواة.. ولا نريد منكم تصريحات حول عنف الشرطة وتعاملها مع المواطنين.. فما حدث عندكم من ضرب وسحل في الشوارع للنساء والمعاقين أثناء الاحتجاجات يمثل وجه آخر راسخ عندكم تحاولون تجميله بكل الطرق.
وفي النهاية تبقى كلمة.. لا أحد يؤيد العنف والخراب والدمار الذي حل بفرنسا مؤخرا.. ولكن لا أحد يؤيد العنصرية والقهر والذل والانتقام من العرب والأفارقة سكان الضواحي المهمشة.. الأمر يحتاج إلى عقد اجتماعي جديد في فرنسا اليوم وليس غدا.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية