يثير تصرف تجار هذا البلد الكثير من التساؤلات، إذ يبدو أنهم يخالفون القواعد الاقتصادية التقليدية المعروفة عالميًا، وعلى رأسها قانون «العرض والطلب». فهم لا يخفضون أسعار المنتجات التي رفعوها، حتى لو تراجع الطلب عليها بشكل ملحوظ. بل يتبعون أسلوبًا خاصًا في التجارة يعكسه المثل الشعبي «نيني نيني لما ييجى اللى يشترينى»، فيتركون بضاعتهم تتلف ولا يستفيد منها أحد. هذه الممارسات تسهم في تدمير الاقتصاد الوطني، سواء في تجارة السيارات أو العقارات وحتى سوق الخضار والفواكه.
للأسف، هؤلاء التجار يتقنون الظهور بمظاهر خداعة، متلبسين ثياب الوطنية ومستخدمين شعارات عن دعم القضايا القومية كإعمار غزة ومساندة صمود الشعب الفلسطيني.
ولكنهم في الواقع لا يقدمون أي دعم حقيقي لشعبهم، الذي يعاني وهم يستنزفون موارده بلا رحمة. وعندما يظهرون بين الناس بأقنعتهم تلك، نجد همسات ساخرة وابتسامات ملغّمة لأن الجميع يعرف حقيقتهم وحكاياتهم التي يتناقلها الناس بدهشة وخوف.
لقد أصبحت جيوب المواطنين البسطاء والمتوسطي الحال هدفًا مستباحًا لهؤلاء التجار، الذين تتجسد ممارساتهم في جملة من التجاوزات غير الأخلاقية. في ظل سيطرة الفساد وهيمنتهم على مفاصل الاقتصاد، تحولت أحوال السوق إلى فوضى عارمة تهدد استقرار الجميع، وسط غياب أي شعور بالشفقة تجاه معاناة الأفراد.
شعارهم الضمني الآن يبدو واضحًا: «كل شيء مباح ومستباح»، وهذا ما أدى إلى استنزاف مدخرات شريحة واسعة من السكان، واضعًا الاقتصاد برمته على حافة الانهيار.