تظل القضية الفلسطينية محور اهتمام العرب والمسلمين، رغم الأزمات والتحديات التي تواجه الأمة. فهي ليست مجرد قضية احتلال أو نزاع سياسي، بل هي رمز للكرامة والهوية، وتجسيد للعدل والحرية.
فلسطين ليست قضية جغرافية فقط، بل هي قضية دينية وثقافية تمتد جذورها إلى عمق وجدان الأمة.
في قلب هذه الأرض المباركة تقع القدس، مدينة الروح والمقدسات، حيث كانت أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
إنها الأرض التي ارتبطت بمعجزة الإسراء والمعراج، لتصبح رمزًا روحيًا وثقافيًا جامعًا للمسلمين في كافة بقاع الأرض.
على مر السنين، ظلت فلسطين في مواجهة صراع مرير مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يقتصر على اغتصاب الأرض، بل تجاوز ذلك إلى محاولات طمس الهوية الفلسطينية والعربية والإسلامية.
وعلى الرغم من الجهود المستميتة لفرض الأمر الواقع، يبقى الحق الفلسطيني ثابتًا لا يتغير، بغض النظر عن مرور الزمن وتعاقب الظروف.
المسؤولية تجاه فلسطين تقع على عاتق الجميع، حكامًا وشعوبًا. الوحدة والتكاتف هما السلاح الأكثر فعالية في مواجهة الاحتلال ومخططاته الرامية إلى فرض الهيمنة.
التضامن مع الشعب الفلسطيني ليس خيارًا يمكن تجاهله، بل هو واجب ديني وأخلاقي يجسد الدفاع عن مقدسات الأمة وكرامتها.
يواجه الفلسطينيون اليوم تحديات غير مسبوقة، بدءًا من الحصار والاعتداءات اليومية، مرورًا بتوسع المستوطنات، وصولًا إلى جرائم الحرب الممنهجة في غزة والضفة الغربية، وحرب الإبادة الشاملة. في المقابل، يشهد المشهد الرسمي العربي تراجعًا في الدعم وظهور دعوات للتطبيع والتخلي عن جوهر القضية.
ومع ذلك، يبقى الأمل حيًا بفضل الشعوب التي تحافظ على مواقفها الراسخة وتتمسك بعدالة القضية.
علينا تعزيز هذا الصمود بدعم سياسي وإعلامي ومالي يتوازى مع العمل على حشد المجتمع الدولي للقيام بدوره في الضغط على الاحتلال وإجباره على الالتزام بالقانون الدولي.
باختصار.. تحرير فلسطين ليس مجرّد مطلب ديني أو سياسي فحسب، بل هو ضرورة حضارية تمثل مفتاح نهضة الأمة واختبارًا حقيقيًا لمدى جاهزيتنا للوحدة والعمل المشترك.
وكما كان الاحتلال سببًا في التفرقة، فإن استعادة الحق الفلسطيني ستكون بداية لمرحلة جديدة من القوة والعزة للأمة العربية والإسلامية. فلسطين ستبقى عربية، وستظل مسؤولية جماعية لا تسقط بمرور الزمن أو برؤية البعض للتطبيع كخيار.
الأمل باقٍ ما دامت الشعوب متمسكة بحقوقها وتاريخها. فالشعوب التي تعرف كيف تصون كرامتها قادرة دائمًا على تحقيق النصر، كما قال الشاعر أبو القاسم الشابي: إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.